×
محافظة الرياض

خالد للتسويق العقاري تفتتح فرعها الخامس في حي المونسية

صورة الخبر

لطوابير المصريين الطويلة، أمام مقار البعثات الدبلوماسية المصرية في الخارج، من أجل التصويت في الانتخابات الرئاسية، دلالة وحيدة، في اللحظة الراهنة على الأقل، معناها بالنسبة لي أن المصريين في لحظة خطر - كعادتهم- ودعوا عصر "قولوا لـ عين الشمس ما تحماشي" وقرروا أن يصنع كل منهم لوطنه مظلة يحملها بيده 365 يوماً في السنة، ليقي مصر لهيب الشمس، أو أنهم غادروا عصر "يا مين يجيب لي حبيبي" وقرروا أن يذهبوا الى حبيبهم حبواً وزحفاً وهرولة وركضاً. لو أن ما سدده المصريون من ثمن باهظ لثورتين في 25 يناير و30 يونيو، لم يثمر سوى هذا الانتقال، من عصر قولوا لـ عين الشمس ما تحماشي، الى عصر يصنع فيه المصريون مظلتهم معا ويحملونها معاً ويدافعون بها وعنها معاً طول الوقت، لكانت كل التضحيات هيّنة، لأن أعظم ما نرجوه مصريين وعرباً، هو أن نتحول إيجابياً، من متلقٍ الى مانح، ومن مفعول به الى فاعل، ومن أمة فعلها الوحيد هو رد فعل لا يقي من ضرر ولا يشفي من سقم، الى أمة تملك إرادة الفعل المنظم وتقدر عليه. إيجابية الفعل قبل صناديق الاقتراع، وفي الطريق إليها، وأمامها، وبعدها، هى أعظم ما يمكن أن تحققه أي ثورة من مكاسب، فتلك الايجابية لا تعني فحسب تغييراً في بنية النظام السياسي، من نظام انتقالي مؤقت، إلى نظام منتخب لديه الشرعية والتفويض الشعبي المشروط بتحقيق ما يريده الشعب لنفسه ولوطنه ولأمته وللإنسانية، وإنما تعني في التحليل الأخير أمة أخذت مصيرها بيدها، وانتقلت بمطلق إرادتها وخيارها الحر، من دائرة من ينتظر، إلى دائرة من يبادر، ومن خانة من يتمنى إلى خانة من يطلب، ومن منطقة من يلتمس ويرجو إلى منطقة من يأمر وينهى، ومن حالة من يترقب ما تفعله به أقدار السياسة إلى حالة من يضع خصومه في حالة ترقب فعله. طوابير الناخبين تحت شمس الصيف أمام السفارات المصرية، في بعض المناطق، وتحت المطر والبرد في مناطق أخرى من العالم، تقول هذا المعنى الواحد، لن نستظل بأحد بعدما نسجنا مظلتنا، ورفعناها بأيدينا فوق الرؤوس، هذه الطوابير هى أيضاً حالة "انعتاق" ثقافية، من عبودية الانتظار، حالة انتقال من العجز إلى القدرة، سوف يتعدى تأثيرها بالضرورة مجرد تحسين الظروف المعيشية للمصريين، إلى تغيير حسابات ومعادلات القوة والقدرة على مستوى المنطقة برمتها. قد يبدو الانتقال تحت وطأة الخطر أو لاتقاء تهديدات "وجودية" عظمى، مجرد رد فعل، لأنه لولا تعاظم الخطر ما كان هذا الفعل العظيم، لكن الأفعال التي تجسد بذاتها تحولاً نوعياً، تحقق نقلة تاريخية لأي أمة، من سياق التلقي إلى سياق المبادرة، وهذا ما نشهده وتشهده معنا المنطقة برمتها، تحت وطأة تهديدات تطال صميم وجود، ووحدة، وسلامة، دول مركزية في المنطقة العربية، لاحظوا معي كيف دخلت الدبلوماسية السعودية مثلا عصراً من المبادرات، أغلق صفحات التحفظ، وفتح كتاب المبادرات، منذ مبادرة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز -ولي العهد آنذاك- بشأن السلام في الشرق الأوسط والتي تبنتها قمة بيروت العربية قبل قرابة اثني عشر عاماً، وحتى مبادرة الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، قبل أيام، بدعوة نظيره الايراني الى زيارة المملكة للتفاوض. المبادرة السعودية الأخيرة بدعوة طهران إلى التفاوض، تعكس تحولاً من موقع قوة، يستوعب تحولات إقليمية لابد من استيعابها والتكيف معها واستثمارها، وتؤشر إلى إدراك عربي لحقيقة أن بناء القوة الذاتية العربية هو الضمان الحقيقي للأمن العربي، وأن حسابات الأمن في سياقات رؤى قوى عظمى بعيدة بالجغرافيا عن المنطقة، يمكن أن يكون عاملاً مساعداً، لكنه ليس العامل الحاسم، إذا ما ادلهمت الخطوب، أو قرعت المخاطر الأبواب. عصر المبادرات، هو في ذات الوقت، حفل وداع لعصر طال وامتد تحت السماء العربية، وهيمنت عليه نظرية "قولوا لـ عين الشمس ما تحماشي" أو "يا مين يجيب لي حبيبي"، فثمة قرار عربي، خرج من الشارع وتجاوبت معه حكوماته، بأن أحداً لن يطفىء الشمس العربية، وأن مصالح العرب يحميها العرب، وخيارات العرب يصنعها العرب، ومشاكل العرب يحلها العرب. ما أراده البعض لهذه المنطقة تحت مسميات من نوع "الشرق الأوسط الكبير أو الجديد" شيء، وما يريده العرب لأنفسهم شيء آخر، أما مشهد الطوابير الطويلة أمام صناديق الانتخابات الرئاسية بمقار البعثات الدبلوماسية المصرية، فهو "لحظة التنوير" في الدراما العربية الممتدة، بطول المنطقة وعرضها، ايذاناً بميلاد جديد لشرق أوسط "عربي" يستدفىء بشمس العرب، ويتقي لهيبها بيده لا بيد عمرو ولا زيد.. فالقوة الذاتية العربية تصنعها خيارات عربية حرة. moneammostafa@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (21) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain