×
محافظة المنطقة الشرقية

موهبة مغربية قد تحطم الرقم القياسي لمالديني في ميلان

صورة الخبر

النسخة: الورقية - سعودي خيب بشار الأسد جميع التوقعات والتحليلات التي انتشرت الأشهر الماضية عبر وسائل الإعلام في العالم، وفي ردهات صنّاع القرار السياسي. فما فتئ إعلام النظام، العام الماضي، يزعم أن لديه مؤشرات لحل سياسي، مؤداها أنه يتجه نحو الانفتاح والديموقراطية، بالاتكاء على أن لديه معارضة في الداخل، متمثلة في هيئة التنسيق، وببعض الأحزاب الكرتونية التي شكّلها من عنده من بعض فلول حزب البعث. خيبة التوقعات طالت حتى الروس أصدقاءه. فقد كان اتفق معهم سابقاً، من دون الإعلان عن ذلك، على تأجيل الانتخابات الرئاسية عامين، في مقابل تأمين غطاء سياسي دولي يسمح له بالتمديد، استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة الـ87 من الدستور السوري النافذ منذ العام الماضي. إذ تنص على «أنه إذا انتهت ولاية رئيس الجمهورية ولم يتم انتخاب رئيس جديد يستمر رئيس الجمهورية بممارسة مهامه حتى انتخاب الجديد». واللافت أن أقرب التوقعات، لكي يُظهر بشار للعالم أن هناك رائحة ديموقراطية في سورية، أن يوعز بشاراً إلى عضو أو اثنين من هيئة التنسيق صنيعته ليرشحوا أنفسهم. بل كان الكثير من السوريين يتوقع أن يحصل قليل من «suspense»، مثل أن يتقدم للترشيح قدري جميل، الشيوعي الذي أخرجه بشار من السجن، ثم عينه نائباً لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية. وأخذ بعدها يظهر كثيراً في الإعلام بحجة أنه معارض للنظام على الخفيف. ثم أقاله من منصبه بحركة «بروباغندا» مبتذلة، بذريعة أنه تأخر عن عمله عقب سفره إلى روسيا بمهمة رسمية. بيد أن كل هذا لم يحصل. بدأ النظام في التحضير لهذا الاستهبال والاستعباط منذ العام الماضي، حين أطلق عليه اسم العملية الديموقراطية. كان يعرض على قنواته ساعات طوال من السفسطة الكلامية الفارغة، وأسطوانات مشروخة ومكرورة، محشوة بعبارات غثائية واستفزازية مثل: (مؤسسات الدولة). و(تحت سقف الوطن)، وهلم جرا. وكأن الشعب السوري قد هبط من كوكب آخر، ولا يعلم أنه منذ سطا أبوه على الحكم لم تكن هناك أحزاب ولا معارضة أو أي شيء من ذلك. ثم استمرأ عملية الاستهبال، فأصدر قراراً بصياغة دستور جديد، لم يكن يختلف عن سابقه كثيراً، باستثناء نقاط عدة يتضح بجلاء أنها للاستهلاك الخارجي فقط، مثل إن حزب البعث ليس هو الحزب الوحيد في الدولة، أو ما أطلقوا عليه سابقاً «قائد الدولة». ولكن في الواقع أضيف إليه ما يثبت حكمه الديكتاتوري. فعلى سبيل المثال ورد فيه أن مدة ولاية رئيس الجمهورية سبعة أعوام مرتين فقط، ابتداء من تاريخ الفوز بالانتخبات، وليس بأثر رجعي. ومن الطبيعي أنه بعد 14 عاماً، إذا بقي في الحكم، فسيكتب دستوراً جديداً لولايتين جديدتين. ولم يفته أن يرسِّخ بند أن ديانة رئيس الجمهورية الإسلام، معتبراً نفسه مسلماً تحصيل حاصل. المضحك المبكي ما ورد في الكثير من نصوص الدستور الجديد ما يتناقض كلياً مع ديكتاتورية النظام، فعلى سبيل المثال نصت بنود الدستور على أن يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية، وأن تُمارَس السلطة ديموقراطياً عبر الاقتراع. وأن تسهم الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية. ولا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني، أو طائفي، أو قبلي، أو مناطقي، أو فئوي، أو مهني، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون. وجميع ما ذكر لا ينطبق على النظام منذ أربعة عقود وحتى اليوم. أما أكثر ما يثير السخرية والاشمئزاز في السياق ذاته هي تلك النصوص مثل: «لا يجوز إبعاد المواطن عن الوطن أو منعه من العودة إليه». و«لكل مواطن الحق بالتنقل في أراضي الدولة أو مغادرتها إلا إذا منع من ذلك بقرار من القضاء المختص، أو من النيابة العامة، أو تنفيذاً لقوانين الصحة والسلامة العامة». «للمواطنين حق الاجتماع والتظاهر سلمياً، والإضراب عن العمل في إطار مبادئ الدستور». «كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم في محاكمة عادلة». «لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا بموجب أمر أو قرار صادر عن الجهة القضائية المختصة، أو إذا قبض عليه في حالة الجرم المشهود، أو بقصد إحضاره إلى السلطات القضائية بتهمة ارتكاب جناية أو جنحة». «لا يجوز تعذيب أحد أو معاملته معاملة مهينة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك». «كل شخص يقبض عليه يجب أن يبلغ خلال 24 ساعة أسباب توقيفه، ولا يجوز استجوابه إلا بحضور محامٍ عنه إذا طلب ذلك. كما لا يجوز الاستمرار في توقيفه أكثر من 48 ساعة أمام السلطة الإدارية، إلا بأمر من السلطة القضائية المختصة». و«لا يجوز الاعتداء على الحرية الشخصية أو على حرمة الحياة الخاصة أو على غيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون»، وغيرها. إن من يقرأ هذه النصوص يكاد يجزم بأن واضعي هذا الدستور ليسوا من كوكب الأرض. فأخبار جرائم النظام ووحشيته وصلت إلى القطب الشمالي والجنوبي. لم يقف الاستهبال عند حدود هذا الدستور الأراكوزي، بل ثمة وجه آخر له. إذ أضاف إليه بشار ما سمي قانون الانتخابات، وهو ما جعل العالم كله يسخر من هذا القانون القراقوشي. إذ إن معظم شروط الترشيح فيه لا تنطبق إلا عليه وعلى بعض أزلامه وأتباعه من البيادق. المؤشر الأبرز فيه أن يكون المرشح قد أقام في سورية عشرة أعوام متصلة، وألا يسمح بالانتخاب لمن خرج من سورية بطريقة غير رسمية، وهو يعلم أن نصف سكان سورية باتوا خارج بلدهم بطريقة رسمية أو بغير رسمية. أي لا يحق لهم لا ترشيح أنفسهم، ولا حتى أن ينتخبوا غيرهم. وأن تكون زوجة المرشح سورية المولد. وهذا الشرط لا ينطبق على بشار نفسه؛ لأن زوجته تحمل الجنسية البريطانية. الأسبوع الماضي فتح النظام باب الترشيح لرئاسة الجمهورية. فرشح بضع شخصيات بعينها، لم يسمع بها أحد من قبلُ. ولأجل إكمال المسرحية الهزلية تأخر بشار في تقديم طلب الترشيح لأيام عدة. في اليوم الرابع قطعت القنوات الفضائية السورية برامجها المعتادة لتذيع نبأ ترشيح بشار نفسه. وكأن الخبر كان غير متوقع. واستمرت المهزلة إلى أن أقفل باب الترشيح، وبلغ عدد الطلبات «درزنين». انتخابات الاستهبال تمثلت بوضوح أيضاً حين عرض إعلام النظام شريطاً يُظهر ثلة من الحرس البرلماني يحملون صندوق نتائج تصويت أعضاء البرلمان على المرشحين الـ24، وكأنهم يحملون جنازة، مثلما يحصل في تأبين الشخصيات الكبيرة العسكرية. ثم أودع الصندوق في سيارة سوداء ترافقها سيارات الأمن والشرطة، وما رافق ذلك من أغان ثورية. في نهاية المطاف أعلن أنه قُبلت طلبات ثلاثة مرشحين فقط، بشار ومهرجين آخرين (كومبارس)، عرض الإعلام السوري صورة أحدهما، واسمه ماهر الحجار، وخلفه صورة كبيرة لبشار الأسد.     * باحث في الشؤون الإسلامية