×
محافظة المدينة المنورة

السويكت يتفقد سير العمل بمشروع قطار الحرمين السريع

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي عندما دعت وكالة مكافحة الفساد التايلاندية الاربعاء الماضي الى عزل ينغلوك شناواترا، اتخذت الأنباء سمة سريالية: كانت رئيسة الوزراء قد رحلت بالفعل. المؤسسة المحافظة التي تتردد منذ تشرين الثاني (نوفمبر) في كيفية الرد على موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة في الشارع، قررت في نهاية المطاف الانقلاب على حزب «بوييا تهاي» الذي تتزعمه ينغلوك. ونحّت المحكمة الدستورية الأسبوع الماضي ينغلوك وأكثر الوزراء الاساسيين من مناصبهم، وتكافح ادارة تصريف الأعمال لاكتساب الصدقية فيما يحاول من تبقى من اعضاء الحكومة تغطية الادوار المتعددة في الحكومة. وفي غياب وزير خارجية، لا يعرف احد معرفة واثقة من سيمثل تايلاند في اجتماعات رابطة دول جنوب شرقي آسيا [«أسيان»]. وتدهورت ثقة المستهلك الى ادنى مستوى لها منذ 12 سنة ويراقب المستثمرون الاجانب البلاد بعين قلقة. أدارت تايلاند، على امتداد عقود، «شبكة ملكية» – مؤلفة من تحالف من كبار البيروقراطيين وغيرهم من كبار السن الذين عملوا عن قرب مع القصر. تأتي الحكومات المنتخبة وترحل، صحيح ان سلطاتها تزداد منذ السبعينات، لكنها تظل دائماً معرّضة لحق النقض «الفيتو» من نخبة بانكوك. تغير كل ذلك مع وصول ثاكسين شناواترا، ضابط الشرطة الذي اصبح قطب صناعة الاتصالات – وهو الأخ الأكبر لينغلوك - الذي تولى رئاسة الحكومة في 2001. كان ثاكسين السياسي الاول الذي فهم تطلعات ملايين القرويين الذين انتقلوا الى المدن - وهم من يصوت في المقاطعات لكنهم يكسبون أرزاقهم حول بانكوك. القرويون الذين انتقلوا الى المدن وتنظر اليهم الطبقات المتوسطة على انهم «جواميس» جاهلة، وفروا للأحزاب الموالية لثاكسين الفوز في كل انتخابات أُجريت منذ ذلك الحين. أُطيح ثاكسين وأُقصي عن السلطة في انقلاب عسكري في 2006 لكنه تابع ممارسة قدر معتبر من النفوذ من منفاه الاختياري في دبي. وينقسم التايلانديون الى معسكرين: معجبون برئيس الوزراء السابق ومعارضون له يرون فيه، مع شيء من التبرير، شعبوياً متحكماً يرادف الفساد اسمه. وبلغ الانقسام قمة سلّم الدولة التايلاندية، ويشمل اصحاب الرتب الارفع في الجيش. وبعد شهور من التظاهرات التي قادها النائب السابق لرئيس الوزراء الذي ينتمي الى الحزب الديموقراطي سوثيب ثاغسوبان، شعرت القوى المناهضة لثاكسين أنها باتت سيدة الموقف. دعت الى تجمع ضخم، جرى عند الساعة التاسعة وتسع دقائق من يوم الجمعة في التاسع من ايار (مايو) في اشارة رمزية الى الملك راما التاسع الذي يحكم منذ امد بعيد والذي يزعم المتظاهرون انهم يدافعون عن ارثه. بيد ان ذلك كان المرة الحادية عشرة التي يدعو فيها سوثيب الى «المعركة النهائية» للإطاحة بجماعة شناواترا. وهو يدعو «الشعب» تكراراً (قاصداً مجموعة مؤيديه) الى الاستيلاء على «السلطة السيادية». الحركة المناهضة لثاكسين التي تزداد ديماغوجية، مذنبة الآن بكثير من الموبقات التي تنسبها الى ثاكسين: تركز حملتها على الجانب الشخصي وتتسم بالعناد والانانية. وأحبطت الحركة التي تسمي نفسها «اللجنة الشعبية للاصلاح الديموقراطي»، الانتخابات العامة التي أُجريت في الثاني من شباط (فبراير) وقاطعتها المعارضة ثم ألغتها المحاكم. ويطالب سوثيب والحزب الديموقراطي «بالإصلاح قبل الانتخابات»، في حركة استباقية وغير دستورية ترمي الى الحد من قوة الناخبين العاديين والحيلولة دون وصول حكومة موالية لثاكسين الى السلطة. ونظراً الى عجزه عن الفوز في صناديق الاقتراع، انقلب الحزب السياسي التايلاندي الأقدم ضد السياسات الانتخابية. ويخيم الشك على امكان إجراء الانتخابات في العشرين من تموز (يوليو) المقبل وفق ما هو مقرر. الجولة الاخيرة من تكرار الأزمة السياسية التايلاندية المستمرة منذ تسع سنوات، هي الاصعب والأشد ظلاماً حتى الآن. ومنذ 2005، جُرّبت التظاهرات المناهضة لثاكسين والانتخابات والانقلاب العسكري والدستور الجديد والتدخل القضائي والتظاهرات المؤيدة لثاكسين، وبعض هذه الإجراءات جرى اختباره مرات عدة واخفقت كلها. وتقبع عند جذر المشكلة شرعية الدولة التايلاندية المشكوك فيها. هل هي ديموقراطية دستورية؟ أم مملكة تقليدية يمثل إبداء الاحترام للملكية فيها والتعلق بمعنى ان يكون المرء تايلاندياً أهمية تفوق القوانين والاقتراع؟ لقرار المحكمة الدستورية الاخير بتنحية ينغلوك عن السلطة أساس غير محايد في القانون، لكنه يستند الى منطق أمتن خارج الاطار القانوني. لقد قررت السلطات أخيراً ان على رئيسة الوزراء الرحيل. وبالنسبة الى كثر من سكان بانكوك، سيصلح القرار تجسيداً لعدائهم لحكومة حزب «بوييا تهاي». لكنّ ثمة انقساماً نفسياً واسعاً جداً بين الطبقة الوسطى المدينية والجماهير التي تقترع في المناطق الريفية الأكثر اكتظاظاً بالسكان. ويدفع الصراع النخبة العميقة الجذور الى الإحباط بعد ظهور حتمية خسارتها السلطة لمصلحة قوى سياسية جديدة يبدو ألا مناص من صعودها. اقصاء ينغلوك لعلة شكلية، هو عمل ناجم عن اليأس وليس إثباتاً للقوة. * باحث في الشؤون الآسيوية في «شاتهام هاوس»، عن «ذي فايننشال تايمز» البريطانية، 9/5/2014، إعداد حسام عيتاني