تحولت حملة الانتخابات الرئاسية السورية التي انطلقت في نهاية الاسبوع، الى حملة "مبايعة" في شوارع دمشق للرئيس بشار الأسد، المقبل بلا أدنى شك على ولاية ثالثة من سبع سنوات. وامتلأت شوارع العاصمة وحدائقها ومبانيها بصور الأسد، قبل أقل من شهر من الانتخابات المقررة في الثالث من حزيران/يونيو، والتي تأتي في خضم النزاع الدامي المتواصل منذ أكثر من ثلاثة أعوام في البلاد. وستكون الانتخابات أول "انتخابات رئاسية تعددية" منذ أكثر من خمسين عاما، وتقدم لها ثلاثة مرشحين هم الأسد وماهر حجار وحسان النوري، وباستثناء الرئيس السوري، يبدو المرشحان الآخران مجهولين بالنسبة للسوريين. ويسأل طالب قرب جامعة دمشق "من هو النوري؟"، وهو يشير باصبعه الى لافتة انتخابية ترفع شعار "الاقتصاد الحر"، لرجل الاعمال الذي شغل سابقا منصب وزير دولة لشؤون التنمية الادارية. واعتاد السوريون رؤية صور كبيرة في الشوارع وعلى واجهات المحال التجارية للرئيس الاسد ووالده الراحل حافظ الاسد الذي حكم البلاد قرابة ثلاثة عقود، كما يمكن رؤية تماثيل نصفية لهما على مداخل الحدائق العامة. وتحمل العديد من اللافتات واللوحات في الشوارع حاليا، كلمة "مبايعة" للرئيس بشار الاسد الذي وصل الى الحكم في العام 2000 إثر وفاة والده، وتم التجديد له باستفتاء في العام 2007. وستكون هذه الانتخابات التي اعتبرها الغرب والمعارضة السورية "مهزلة"، فرصة للنظام السوري لتقديم نفسه على أنه المنتصر في النزاع، لا سيما في ظل انجازات عسكرية حققها في الاشهر الاخيرة. والى شعار "سوريا الأسد" الذي يتردد منذ وصول حافظ الاسد الى الحكم، تؤكد بعض اللافتات المرفوعة ان بشار الاسد هو "الخيار المطلق" في الانتخابات التي ستجرى في المناطق التي يسيطر عليها النظام. ورفعت ايضا لافتات كتب عليها "بشارنا لن نرضى غيرك"، او حتى "منحبك"، وغالبا ما ترفق هذه الشعارات بصور للرئيس مبتسما، او ملوحا بيده وهو يرتدي نظارتين شمستين. وعلى مقربة من دار الاوبرا في دمشق، لافتات كتب فيها ان الاسد هو "خيار الاعلاميين والمثقفين"، وايضا خيار "المستثمرين والمقاولين". كما يمكن رؤية لافتات في الشوارع المزدحمة كتب فيها "ستبقى سوريا عرين الأسود"، و"نعم لمن حافظ على صمود سوريا وعزتها وكبريائها". ويندر ان يعبر البعض في الشارع، ردا على استفسارات الصحافيين، عن خيار آخر غير الاسد للرئاسة. ويقول ماهر في متجره للملابس في حي الصالحية وسط دمشق "بالنسبة لنا هذه ليست حتى انتخابات، هذه مبايعة، نحن نريده ان يبقى". وتقول ميادة (55 عاما)، وهي ربة منزل في حي البرامكة "نتمنى ان يفهم الباقون ان هذه بلادنا وهذا رئيسنا، ولا نريد غيره، من في الخارج هم سبب هذه المشكلة"، في اشارة الى المعارضة التي يقيم اركانها خارج البلاد. واختار الرئيس السوري عبارة "سوا" (معا) مكتوبة بخط اليد، شعارا لحملته الانتخابية التي اطلقت صفحة على موقع "فيسبوك" بات يتابعها اكثر من 115 ألف شخص، وحسابا على موقع "تويتر" يتابعه اكثر من 1500. وفي حي المزة (غرب)، رفعت لافتات موقعة باسم "سكان"، كتب فيها "القرار مو (ليس) قرارك. الشعب هو اختارك". وفي مقابل حملات الدعم للأسد، يبدو المرشحان الآخران شبه غائبين عن الصورة، وهما لم يعقدا اي مؤتمر صحافي منذ اعلان ترشحهما، ولم يكن ممكنا للصحافيين التواصل معهما. ورفع المرشحان عددا محدودا من اللافتات واللوحات، تحمل شعارات منها "سوريا... لفلسطين"، وأخرى تنادي ب"العدالة الاجتماعية"، وهي لا تلقى صدى واسعا في بلد غارق بنزاع دموي أودى بأكثر من 150 ألف شخص. ولا يخفي البعض انتقادهم لاجراء الانتخابات في ظل هذا الوضع. ويظهر بائع ساعات في سوق شعبية بدمشق عدم مبالاته بالقول "هذا لا يعنينا أبدا". ولدى سؤالهما عن إجراء الانتخابات، تصمت شابتان ترتديان ملابس أنيقة لبرهة، قبل أن تطلقا ضحكة عالية. وتقول إحداهما "هذه مسخرة (مهزلة)"، وتضيف الثانية "كأنه يندفع إلى الأمام من دون أن يلتفت إلى أحد أو يرى ما يجري في بلده"، في إشارة إلى الرئيس الأسد. في المقابل، يبدو البعض وكأنهم نفضوا أيديهم مما يجري. وعلى مقربة من نهر بردى الذي بات شبه جاف، تقول سلمى وهي تحمل طفلتها الصغيرة "الناس تعبوا، نريد السلام".