بعد عقدين من النمو الضعيف، تقوم اليابان بجهود حقيقية لتعزيز اقتصادها المتراجع وتنفيذ الإصلاحات التي تحتاجها بشدة، في حين تأتي الخطة التي أطلقها رئيس الوزراء شينزو آبي لتنشيط الاقتصاد، والمعروفة أيضاً باسم «أبينومكس»، بفوائد متعددة، فالهدفان الرئيسان منها تنشيط التضخم وتعافي النشاط الاقتصادي، بدعم من الصادرات القوية ودمج الأموال الحكومية. وأشار المحلل الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد إلى أن «اليابان شهدت انكماشاً خلال معظم العقدين الماضيين، وساهم وقف نمو الأجور، وقوة العملة وضعف سوق العقارات، في انخفاض عام في الأسعار، في حين تسعى السياسة النقدية التوسعية، بمساعدة من المحافظ الجديد لبنك اليابان المركزي هاروهيكو كورودا، إلى عكس هذا التوجه، بعد تعهده بمضاعفة القاعدة النقدية بحلول نهاية السنة وخفض التضخم إلى اثنين في المئة على الأقل خلال سنتين. وتمكن بنك اليابان المركزي من تسريع نمو التضخم ليصل إلى أسرع وتيرة منذ أكثر من خمس سنوات، إذ زاد 1.6 في المئة على أساس سنوي في آذار (مارس) الماضي». وقال عقاد بعد «12 شهراً من الانكماش بين عامي 2012 و2013، يتجه الارتفاع التدريجي في التضخم إلى الهدف البالغ اثنين في المئة، وارتفع معدل التضخم في طوكيو، والذي يصدر قبل شهر من صدور معدل التضخم على الصعيد الوطني، إلى أعلى مستوياته في 22 سنة ليبلغ 2.7 في المئة على أساس سنوي في نيسان (أبريل) الماضي من 1.3 في المئة على أساس سنوي في آذار». وأضاف: «لأن كلا المعدلين يميلان في الاتجاه ذاته، يُتوقع أن يزيد معدل النمو الوطني أيضاً في نيسان، مع إمكان تسجيله اثنين في المئة قريباً، ولكن جزءاً كبيراً من الزيادة في معدل التضخم يأتي من قطاع الطاقة، إذ ارتفع معدل التضخم باستثناء أسعار الطاقة 0.7 في المئة على أساس سنوي في آذار، نتيجة انخفاض سعر صرف الين الياباني والحاجة المتزايدة لاستيراد الطاقة في أعقاب كارثة فوكوشيما». وعلى رغم أن التضخم في اليابان ليس مدفوعاً تحديداً بارتفاع الطلب، فإن ارتفاع تكاليف الطاقة ستترجم في النهاية ارتفاعاً في معدل التضخم للمنتجات غير المتعلقة بالطاقة، إذ إن الشركات تمرّر النفقات المتزايدة على الأسعار التي يدفعها المستهلكون. وأكد عقاد أن «اليابان، وبهدف الحفاظ على التضخم، يجب أن ترفع الأجور بما يواكب الأسعار الاستهلاكية المتزايدة في الاقتصاد. وبالفعل أطلقت حكومة آبي حوافز مالية تعادل قيمتها تريليونات الينات، وركزت على البنية التحتية، على أمل زيادة أرباح الشركات، وبالتالي زيادة الرواتب». ولفت إلى أن «الحكومة والنقابات العمالية تعمل على زيادة الضغط على قطاع الشركات لرفع الأجور، كما يُبحث فرض خفوضات ضريبية لتخفيف التكاليف بالنسبة الى الشركات، ولكن حتى الآن لا يبدو الأثر الإجمالي في الاقتصاد كبيراً». وختم عقاد بأن «اليابان تمر اليوم بمفترق طرق، وعلى رغم التركيبة السكانية التي لا تدعم النظرة الطويلة المدى للاقتصاد، يمكن أن تلعب حزمة قانونية جديدة من السياسات والتشريعات دوراً في تجديد الاقتصاد». وأضاف: «تتـمثل أولويات البلاد اليوم في إيجاد تضخم للأجور وطلب كبير من المستهلكين، وفي مثل هذا السيناريو، يُرجح أن يكون للزيادة في الطلب أثر كبير على المصادر الأساس للواردات اليابانية، خصوصاً الصين وبقية دول آسيا، التي تمثل معاً 51 في المئة من إجمالي واردات اليابان، وأيضاً الشرق الأوسط الذي يمثل 19 في المئة من المشتريات اليابانية، معظمها من الطاقة من دول مجلس التعاون الخليجي. وإذا عملت الحوافز اليابانية في شكل صحيح، سيستفيد مجلس التعاون الخليجي أيضاً من الطلب الياباني القوي، ما يعزز اعتماد آسيا على دول المنطقة». اليابان اقتصاد