في افتتاح ملعب الجوهرة بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- تقدم الطفل فيصل الغامدي يحمل بين يديه كرة رمزية؛ ليستأذن خادم الحرمين الشريفين بافتتاح هذا الصرح الرياضي الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، وبعد أن ألقى خادم الحرمين الشريفين كلمة بهذه المناسبة هنأ من خلالها الشعب السعودي على إنجاز هذا المشروع الذي يخدم الشباب، ويخدم الحركة الرياضية في المملكة، وعندما همَّ الطفل فيصل الغامدي بمغادرة المنصة لم تأبَ إنسانية خادم الخرمين الشريفين إلا أن تُكافئ هذا الطفل، وخروجاً عن الرسميات وعن ترتيبات هذا الحفل، وبإنسانية أب تجاه أبنائه وبكل عفوية مد يده إلى جيبه ليخرج قلمه الثمين ليقدمه هدية لهذا الطفل. الطفل كما كان مرتباً له أن دوره ينتهي بانتهاء فقرته فينصرف، ولكن الملك عبدالله -حفظه الله- لم ينتهِ دوره، ولم تسمح له نفسه الأبوية الحنون أن يعود هذا الطفل دون أن يُكرم، فكان الأقرب ليد خادم الحرمين الشريفين أن تسحب القلم ليقدمه إرضاء لطفولة فيصل الغامدي، ثم سارع القائمون على الحفل بتقديم هدية للطفل وأخرى لأخيه الذي لم يكن بصحبته؛ حتى لا يعود الطفل الغامدي بهديته إلى بيته بينما أخوه خالي اليدين، العبارات التي كان يحاور بها الملك عبدالله هذا الطفل تظهر فطرة وإنسانية هذا القائد ومدى حبه لشعبه وتواضعه في التعامل معهم صغاراً كانوا أم كباراً، وهذه الإنسانية أودعها الله في قلب خادم الحرمين الشريفين، وكذلك في قلوب قادة دول مجلس التعاون الخليجي جميعهم دون استثناء. هذا الملك الإنسان الذي عُرف ببساطته، وبما يحمله بين حناياه من قلب رؤوف حنون على شعبه ولجميع الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية، ضرب لنا أروع الأمثلة والدروس في الخروج عن الرسميات، عندما يقابل القائد شعبه، فيتعامل معهم بكل عفوية دون تكلف أو تعالٍ لكونه ملكاً، بل كما يتعامل الأب مع أبنائه، وهكذا هم العظماء الذين يسطرون لنا أروع الأمثلة في حسن الخلق والرحمة والتواضع والمخالطة التي تتخللها المودة والمحبة والعطف. الملك القدوة: القدوة الحسنة الصالحة التي يمثلها الراعي لرعيته بلا شك لها أثر طيب في حياة الرعية، ولبطانته التي يجب أن تعينه على إدارة شؤون الأمة بأمانة وحيادية وتجرد من المصالح الشخصية والفئوية الضيقة، فالقدوة الحسنة من القائد تُعتبر نموذجاً إنسانياً يحقق المنهج السوي بين الراعي ورعيته، من خلال الاقتداء بالسلوك والتصرفات التي تُلاحظ بالعين فتترك أثراً عميقاً في نفوس الناس، مما يجعلهم يأخذون ويتقبلون ما يقوله أو يفعله دون تردد أو ريبة، هذه الأفعال الإنسانية من القائد ترنو إليها أعين شعبه ومرؤوسيه، وتنجذب إليها نفوسهم فيستمدوا منها الفضائل الحميدة التي يفترض أن يحملوها في أقوالهم وأفعالهم، فتنير لهم طريق الخير والصلاح، فتصلح بها حال الأمة وترتقي بها إلى الصفوة التي يجب أن يكون عليها مجتمعنا الإسلامي.