الرباط: «الشرق الأوسط» بشر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية بإخراج الحكومة لقوانين تنظم الجسم الصحافي، وتحمي مصادر معلومات الصحافيين أمام القضاء، وتجنبهم عقوبات سالبة للحريات. وأعلن الخلفي مساء أول من أمس خلال ندوة نظمها الموقع الإلكتروني المغربي «هسبريس» في الرباط أن الحكومة أحالت مسودة مدونة الصحافة على النقابة الوطنية للصحافيين، وفيدرالية الناشرين، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، لإبداء ملاحظاتهم عليها قبل تضمينها المشروع الحكومي في صيغته النهائية. واعترف الخلفي بأن «المشكلة الأساسية التي تعرقل تقدم حرية الصحافة في المغرب، تعود إلى البيئة القانونية»، التي وصفها بـ«المتخلفة عن طموحات دستور 2011»، معلنا وجود إرادة سياسية جامحة لدى الدولة للقيام بإصلاحات جذرية للمنظومة الإعلامية بمختلف أشكالها. وأكد الخلفي أن الحكومة «لا تريد التغطية على الفساد أو تبرير حالات الاعتداء على الصحافيين»، التي عدها «أمرا مرفوضا وغير مقبول»، بيد أن ذلك لا يمنع، حسب وزير الاتصال، الاعتراف للحكومة بتحقيق إنجازات مهمة للصحافيين والمؤسسات الإعلامية. وأبرز الخلفي أن هدفه الأساسي خلال تدبيره لشؤون الإعلام هو إلغاء وزارة الاتصال من التشكيلة الحكومية وإلحاقها بأحد القطاعات الحكومية كما هو معمول به في بعض الديمقراطيات العريقة. وانتقد الخلفي المطالب التي تنادي بتغيير مسؤولين في الإعلام العمومي يخالفون توجهات الحكومة، عادا أن أي تدخل للوزير في الإعلام العمومي سيستبطن توجهات تحكمية، مضيفا أنه لن يتدخل إلا وفق ما يسمح به القانون. وحذر الخلفي وسائل الإعلام من الاستمرار في الهجوم على رئيس الحكومة، وقال إن «رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران قرر، من الآن فصاعدا، أن يدافع عن نفسه بنفسه، لأن الصحافة ليست مقدسة، ومن حق رئيس الحكومة أن يعبّر عن رأيه». وظهرت مؤشرات خلال آخر خروج له أمام المسؤولين المحليين لحزبه تؤكد المنحى الدفاعي لرئيس الحكومة حيث اتهم بعض المنابر الإعلامية بممارسة حرب بالوكالة ضد سياسته. في سياق ذلك، وجه مديرو صحف ونقابيون ورجال أعمال انتقادات لاذعة بشأن تدهور الحريات الإعلامية. ونبه توفيق بوعشرين، مدير نشر جريدة «أخبار اليوم» إلى هشاشة البيئة القضائية، ودورها في الحد من الحريات الإعلامية، عادا أن رجال الإعلام يبقون الحلقة الأضعف أمام المحاكم في حال حدوث نزاعات، خصوصا في ظل وجود نصوص قانونية لا تضمن لهم حتى الحق في الدفاع عن أنفسهم. ولام بوعشرين الدور السيئ للبيئة الاقتصادية على حريات الإعلام عبر سلاح الإعلانات الذي أضحى «سلاحا حقيقيا يؤثر على خطوط التحرير». من جهته، وجه رجل الأعمال كريم التازي، الذي كان من أكبر مؤيدي وصول الإسلاميين لقيادة الحكومة، انتقادات لاذعة لحكومة عبد الإله ابن كيران، واتهمها بالتراجع عن مشروع الإصلاح، ووصف أعضاءها بمجرد كراكيز «أراجوزات». وذكر التازي أن الحكومة باعت للمغاربة شعار محاربة الفساد والاستبداد وصدقوها، والآن تحاول تبرير الفساد والاستبداد. بدوره، هاجم عبد الله البقالي، نائب رئيس النقابة الوطنية للصحافيين، والنائب في البرلمان، تلكؤ الحكومة في وضع بنية إعلامية متكاملة. وقال البقالي، وهو نائب برلماني ينتمي لحزب الاستقلال المعارض، إن الصحافة تتعامل مع قضاء لا يفقه شيئا في الثقافة الإعلامية، مشيرا إلى أن «القاضي يتعامل مع الصحافي كمتهم حق عام»، وطالب البقالي بإحداث قضاء متخصص.