باريس: «الشرق الأوسط» أفاد مصدر حكومي أمس بأن الجيش الفرنسي قتل في بداية أبريل (نيسان) الماضي في مالي أبو بكر النصر، الذي يشتبه في أنه من المقربين من القيادي الجزائري الإسلامي المتطرف مختار بلمختار. وقتل الجيش الفرنسي بداية أبريل هذا المسؤول في تنظيم «المرابطين». وأسس هذا التنظيم مختار بلمختار في 2013، في عملية دمج لكتائبه مع كتائب «حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا» المالية. وقالت صحيفة «لوموند» إن أبو بكر النصر المكنى بالمصري «يعتبر المتخصص في التسليح الثقيل، لكن خصوصا مسؤول الدعم اللوجيستي لدى مختار بلمختار، وهي مهمة أساسية في المعركة التي تخوضها المجموعات الإرهابية في منطقة الساحل». وكان وزير الدفاع الفرنسي جون إيف لودريان قال في 8 مايو (أيار) إنه ستتم تعبئة ثلاثة آلاف جندي فرنسي لفترة غير محددة في «الشريط الساحلي الصحراوي»، وذلك لمكافحة الإرهاب في سياق عملية إعادة انتشار عسكري في مالي. وكان إعلان مختار بلمختار ولاءه لأيمن الظواهري زعيم «القاعدة» أثار جدلا بين المتابعين للتنظيمات الأصولية، ونُشر الإعلان على المواقع الإسلامية، لكنه لم يلق الصدى المطلوب. ويبذل بلمختار (المكنى بلعور) وعبد المالك دروكدال قصارى جهودهما للتفوق على بعضهما البعض. وفي مايو الحالي أعلن تنظيم دروكدال، القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مسؤوليته عن كمين إيبودرارن الذي خلّف مقتل 11 جنديا جزائريا الشهر الماضي. وجاء هذا التصريح على الإنترنت بعد يوم واحد من إعلان مساعده السابق وغريمه اللدود ولاءه للطبيب المصري الظواهري. وفي بيانه على الإنترنت، أعلن بلمختار «إيمانه بسياسات» خليفة أسامة بن لادن. وفي تعليقهم، قال أصوليون في لندن «إعلان (القاعدة في المغرب الإسلامي) عن المسؤولية هو بمثابة رد من التنظيم على تصريح بلمختار». بينما يرى خبراء في الشأن الأصولي أن «فرع (القاعدة) المغاربي يريد من خلال هذا البيان تحقيق هدفين، الأول يتمثل في الظهور مجددا عبر وسائل الإعلام ليقول إنه لا يزال قادرا على شن هجمات، والرد ضمنيا على بلمختار، ويؤكد أنه الذراع الرسمية لتنظيم القاعدة في المنطقة». ويرى محللون أن كل الخطوات التي أقدم عليها بلمختار في الفترة الأخيرة ومنها اندماج كتيبته (الموقعون بالدم) مع حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، وتشكيل تنظيم «المرابطين»، توحي بأنه يبحث عن تزكية (القاعدة) ليكون ذراعها المسلحة في الساحل. ويقول إسلاميون في العاصمة البريطانية لندن إن بلمختار يريد أن يكون تحت إمرة زعيم تنظيم القاعدة المركزي فقط، وإنه، وليس دروكدال، هو الرجل القوي في الصحراء والساحل. ويضيفون «كل تحركات وعمليات بلمختار العسكرية تُنفذ باسمه، ويعلن مسؤوليته عنها باسم جماعته وليس (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)». ومنذ البداية، رفض بلمختار التعامل مع «القاعدة» عبر فرعها المغاربي، وفضل التعامل مباشرة مع زعيم «القاعدة». ويواصل الخبراء في الشأن الأصولي «لقد برز ذلك عندما أرسل بعض مقاتليه إلى ليبيا للانضمام إلى المقاتلين ضد نظام القذافي استجابة لنداء تنظيم القاعدة، وذلك قبل أن يصدر أمر أمير (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)، وهو ما اعتُبر حينها تمردا على فرع (القاعدة) المغاربي». ومن الواضح أن «بلمختار يضع مجموعته رهن إشارة زعيم (القاعدة)، وهناك صراع بين من يمكن أن نسميهم صقور (القاعدة)، والدليل على ذلك الصراع هو انسحاب لعور من (القاعدة) وتأسيسه إمارة الصحراء. ذلك الانسحاب جاء بعد خلافات حادة بين لعور وزعيم التنظيم عبد المالك دروكدال»، بحسب الخبراء.. «فبعد العملية الدولية العسكرية في مالي التي جعلت البلاد غير ملائمة لبلمختار، وجد الإرهابي صاحب العين الواحدة في ليبيا أرضية خصبة. لكن سعيه للتفوق على قائده السابق كان قد بدأ قبل فترة طويلة من تكبد مقاتليه هزيمة في مالي. وكانت عين أميناس عملية أراد من خلالها بلمختار التأكيد على أنه مؤهل لقيادة الجناح العسكري لـ(القاعدة). فهي كانت (رسالة قوية وواضحة وجهها لدروكدال)». ويتخوف الخبراء من أن «الاقتتال الذي نشهده في سوريا بين (داعش) و(جبهة النصرة) قد تتنقل عدواه إلى (القاعدة في المغرب الإسلامي)، لا سيما تنظيمات ليست منضوية تحت لوائها لكنها تسايرها مثل أنصار الشريعة في ليبيا وتونس.