بقلم - توماس ريدمان: على مر السنوات، حالفني الحظ وعملت مع عدد كبير من صنّاع القرارات، من أفراد ومجموعات، وكان بعضهم رائعاً، وبعضهم الآخر مريعاً. ومن ذلك العمل، استنبطّت العادات السيئة التي تحول دون استفادة كاملة من البيانات في أوساط المدراء والشركات. - تفضّل الحدس على البيانات: لقد التقينا بمدراء يقولون أموراً على غرار، «إنني أعمل في هذا القطاع منذ 25 عاماً، وقد مرّت عليّ شتّى الأمور، وأعرف أنه بإمكاني أن أثق بحدسي». ويتوقون لفعل الأمور الصحيحة وستّسمون بالذكاء. ولكنّهم قد يفعلون الكثير لغض النظر عن أي دليل يشير إلى طريقة أفضل، وللتقليل من شأنه أو تجنبه. حتى أن بعضاً يعاودون تفسير البيانات لتعزيز نماذجهم الفكرية الراسخة منذ وقت طويل. أمّا النتائج شبه المؤكدة لذلك، فتتمثّل بإجراءات وعمليات وفرق عمل بائدة بشكل متزايد. - تتلاعب بالنظام: يرى البعض أن عملية اتخاذ القرارات تقضي بتطوير الحجج التي تدعم قراراً بعد اتخاذه، مع تجاهل أدلة أخرى في سياق ذلك، في ما يشكّل طريقة شاذّة فعلاً للوثوق بحدس أحدهم، فيعرف الناس ما تنوي فعله وسرعان ما يطوّرون شعوراً مبرراً بانعدام الثقة. - تُقدِم على انتقاد الآخرين: يقضي انتقاد الآخرين بالامتناع عن كشف معلومات قد تكون مفيدة، ومن ثم إظهار ردّ فعل مفاجئ ما إن تسوء الأمور، مع الإشارة إلى أن كبت المعلومات يولّد انعداماً في الثقة، وأن رد الفعل المفاجئ يحث الكثيرين على اتخاذ قرارات أكثر تحفظاً، يسهل الدفاع عنها، مع أنها قد تكون بعيدة كل البعد عن المثاليّة. - تعاني شللاً في مجال التحليل: من شأن الأشخاص والشركات التي لا تحسن التعامل مع الغموض الوقوع في فخ «الحصول على تأكيد إضافي بسيط» قبل اتخاذ قرار. ولا يدركون أن عدم اتخاذ قرار هو قرار بحد ذاته وقد ينطوي على تداعيات. - توظّف التفكير الجماعي: يقضي التفكير الجماعي بحشد مجموعة من الأشخاص المتّخذين للقرارات الذين يفكرون بالطريقة ذاتها ويتجاهلون أصحاب الآراء أو البيانات المتفاوتة التي تشير إلى وجهة مغايرة. والآن انظر إلى القائمة أعلاه واسأل نفسك: «هل يحصل لي أن أقوم بذلك»؟ من الصعب طبعاً التخلص من عادات سيئة متعددة في آن. وبالتالي، إن كنت لتختار إحداها كبداية، كفّ عن ترقّب تصرفات الآخرين. وبالأخص، كفّ عن الكبت، وابدأ بمشاركة المعلومات التي قد تكون مفيدة في كل فرصة تسنح لك، علماً بأن القيام بذلك يدر مكاسب عظيمة، تتخذ شكل ثقة متزايدة، وتحسّن في أداء فريق العمل، وإقدام الآخرين على مشاركة آرائهم معك (ولكن لا تتوقع أن يكون الجميع مستعدين للمساعدة إلى هذا الحد!). ثانياً، ابتعد عن التفكير الجماعي. وقد يكون الأمر صعباً، لا سيّما إن كنت قد انتقيت فريقك الإداري بتأنٍ وإن كانت مسيرتهم المهنية مرهونة بك. وقد يساعدك أن تتمتع بزميل يوفر وجهة نظر مباشرة ومستقلة. وبالتالي، امنحه فرصة عادلة ليدلّك على الشوائب في خطّتك قبل أن تستكمل أي قرار هام. وبعد ذلك، قم بالبحث عن المزيد من وجهات النظر المتفاوتة! وأخيراً، ادفع بفريقك الإداري ليقوم بالأمر ذاته من أجل مؤسستك. وتعهّدوا مع أنفسكم والتزموا اتصال ببعضكم البعض في أي وقت تلاحظون فيه هذه الظاهرة، علماً بأنّكم بحاجة إلى توفير قيادة حقيقية في المكان، بالنظر إلى أن الآخرين سيحذون حذوكم. * (توماس سي. ريدمان رئيس شركة «نافيسينك كونسالتينغ غروب»، التي توفر استشارات للمؤسسات حول بياناتها وبرامج نوعية البيانات. وهو مؤلف كتاب بعنوان «بتوجيه من البيانات: الاستفادة من أهم أصول الأعمال لديك» Data Driven: Profiting from Your Most Important Business Asset).