تعتزم روسيا مطالبة أوكرانيا بدفع ثمن الغاز مقدما بدءا من الشهر المقبل بعد تخلف كييف عن سداد ثمن الشحنات التي تسلمتها وفقاً لما صرح به ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي. وبحسب "رويترز"، فقد أفادت شركة جازبروم الروسية أن المدفوعات المستحقة على أوكرانيا عن إمدادات الغاز في نيسان (أبريل) قد حل أجلها ولم تدفع شيئا وهو ما زاد إجمالي الديون المستحقة لروسيا على أوكرانيا مقابل شراء الغاز إلى 3.51 مليار دولار. وأضاف الوزير الروسي أنه بموجب العقد فإن عدم تنفيذ الالتزامات تلقائيا يؤدي إلى التحول لنظام الدفع المسبق لثمن شحنات الغاز إلى أوكرانيا بدءا من أول حزيران (يونيو). وهددت موسكو بخفض إمدادات الغاز إلى كييف في الشهر المقبل إذا لم تتلق مدفوعات مسبقة بحلول نهاية الشهر الجاري، حيث تلبي إمدادات جازبروم 30 في المائة من الغاز المستهلك في أوروبا ونصف هذه الكمية تقريبا يمر عبر الأراضي الأوكرانية. وذكر نوفاك أن جازبروم سترسل فاتورة أولية لشهر حزيران (يونيو) قبل 16 أيار(مايو) على أن يتم شحن الغاز بكميات تتناسب مع المدفوعات التي تتلقاها قبل نهاية الشهر الحالي. وأشار نوفاك إلى أن بلاده لا يمكنها ولا ينبغي لها بعد الآن أن تتحمل عبء دعم اقتصاد أوكرانيا بمفردها بأن تمنحها خصومات على سعر الغاز وتشطب ديونا عليها وتغطي في الواقع عجز الميزان التجاري الأوكراني. روسيا تؤكد أنها سترد بالمثل على العقوبات الأمريكية وعلى صعيد العقوبات، أعلن ألكسندر لوكاشيفيتش المتحدث الرسمي باسم الخارجية الروسية أن بلاده سترد على العقوبات الأمريكية والكندية المفروضة ضد عدد من المسؤولين والشركات في روسيا. وأضاف لوكاشيفيتش أن العقوبات الأمريكية شملت الجانب المالي وتأشيرات الدخول، وأن هناك رد فعل روسي مماثل وسريع، إذ تضم قائمة ترقب الوصول مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى مرتبطين بالتعذيب وإقامة سجون خاصة مثل جوانتانامو. وذكر المتحدث الروسي أنه توجد إجراءات مماثلة بحق أوتاوا ردا على العقوبات الكندية، مشيراً إلى أن قوائم ترقب الوصول هذه توسعت ولم نعد نركض وراء أعداد الأشخاص الملاحقين، فعلى خلاف الأمريكيين والكنديين لم نُجر استعراضات، والعقوبات أصلا ليست أسلوبنا، غير أن الأفعال غير الودية تجبرنا على الصد. وأوضح أنه لم يتم إعلان أسماء المسؤولين الغربيين الجدد الذين ستفرض بحقهم عقوبات وفقا لقائمة ترقب الوصول الروسية ، إلا أنهم سيعرفون بذلك حين يتقدمون للحصول على تأشيرات. وأعلنت الولايات المتحدة نهاية الشهر الماضي عن حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا، على خلفية اتهام موسكو بالتورط في الاضطرابات التي تشهدها عدة مناطق في شرق أوكرانيا، وتم فرض عقوبات بحق سبعة مسؤولين روس، تتضمن تجميد أصولهم المالية في البنوك الأمريكية، وحظر سفرهم إلى الولايات المتحدة، إضافة إلى 17 شركة تتبع أشخاصاً من المرتبطين بالدائرة المقربة من بوتين. فيما أعلن ستيفن هاربر رئيس وزراء كندا عن فرض عقوبات اقتصادية إضافية ضد روسيا، بهدف ممارسة الضغوط الاقتصادية عليها والأطراف الأخرى المسؤولة عن الأزمة في أوكرانيا، وشملت العقوبات الكندية فرض عقوبات ضد شركتين وتسع شخصيات روسية. من جهة أخري، يبدو الموقف الأوروبي في حالة انقسام بشأن الأزمة، فقد قال جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الأوروبية إن دول الاتحاد الأوروبي تسعى جاهدة للاتفاق على نهج موحد لمواجهة الأزمة في أوكرانيا. وأضاف باروزو، الذي من المقرر أن يترك منصبه بعد أن أمضى عشر سنوات في رئاسة المفوضية، أن أزمة أوكرانيا تمثل أكبر تهديد لأمن أوروبا منذ سقوط حائط برلين وأن مخاطر زعزعة الاستقرار أكبر من حروب البلقان في تسعينيات القرن الماضي. وأشار باروزو إلى أن الدول الأوروبية قررت دعم كييف وإظهار أن تصرفات موسكو لابد أن تكون لها عواقب، لكنه قال إن التوصل إلى استجابة موحدة لا يزال جاريا نظرا لوجهات النظر المختلفة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وتتحرك دول الاتحاد الأوروبي ببطء نحو الاتفاق على نهج أكثر صرامة بشأن تطبيق عقوبات على الشركات الروسية لكن تصريحات باروزو تؤكد مدى صعوبة التوصل إلى أي اتفاق. ولعبت الخلافات داخل التكتل الأوروبي الذي يضم 28 دولة وكثير منها يعتمد على إمدادات الغاز الروسي دوراً في تصعيب الاتفاق على تشديد العقوبات المحدودة التي فرضت على أعضاء النخبة الروسية، ففيما دعت ألمانيا وهي أكبر اقتصاد في أوروبا إلى إعطاء بعض الوقت للدبلوماسية يضغط آخرون بما في ذلك بريطانيا وفرنسا من أجل اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.