×
محافظة المدينة المنورة

برعاية سمو أمير منطقة المدينة المنورة جامعة طيبة تحتفي مساء اليوم بتخريج (669) من طلبتها في محافظة العلا

صورة الخبر

نلتقي أحيانا ببعض من كنا نعرف، بعد غياب طويل وانقطاع للعلاقة فيما بيننا لعدد من السنوات، فإذا بنا نفاجأ بهم وقد تغيروا عما كانوا عليه واعتدناه منهم، سواء في نمط سلوكهم أو أفكارهم وتوجهاتهم أو أسلوب خطابهم، فيظهرون لنا كما لو أنهم شخصيات جديدة لا تنتمي إلى تلك التي كنا نعرف من قبل!! أن يحدث مثل هذا التغير للانسان في طبيعة الأفكار أو أسلوب الخطاب، هو من الأمور المقبولة بل المتوقعة على اعتبار أن من سنة الحياة التغير وعدم الدوام على حال واحدة، وأنه من الطبيعي أن يكون لمرور الأيام وتقدم السن وتعدد التجارب والخبرات أثر واضح ينعكس على تفكير الانسان وسلوكه، فيدفع به إلى انتهاج أساليب مختلفة وأفكار جديدة يراها تأخذه إلى الأفضل. لكن ما ليس بمقبول ولا متوقع هو ما يحدث لبعض رموز المجتمع من تغير وتناقض في المواقف والقيم والمبادئ في ظرف زمني بالغ القصر، حتى ليظهر الواحد منهم أمامك اليوم منقلبا بزاوية يبلغ انفراجها 180 درجة عما كان عليه بالأمس!! مثل هذه التغيرات تدل على الاستخفاف واللامبالاة بالجماهير المتعلقة بهم والمتابعة لما يقولون، فهم لا يبالون إن أغرقوا الناس في آبار عميقة من التناقضات والتذبذبات وتركوهم يتخبطون في حيرة، غير مكترثين لما أحدثه سلوكهم ذاك من هدم للطاقات واستلاب للروح المعنوية. أمثال هؤلاء مدينون بالاعتذار لجماهيرهم التي اتبعتهم مؤمنة بهم، مسلمة القياد لهم، ثقة منها بصواب دعواهم، فإذا بهم يخذلونها بتخليهم عما كانوا يقولون لينقلبوا فجأة فيسيروا في اتجاه معاكس تماما. إن كان من حق الانسان أن يبدل رأيه أو موقفه من قضايا محددة، بناء على أنه اكتشف حقائق كانت غائبة عن بصيرته، أو أنه رأى في الظروف والملابسات المستجدة ما يتطلب منه التغير، فإنه أيضا من حق الآخرين الذين يتابعونه أن يفسر لهم أسباب تغيره؟ ما الذي يجعله يقبل اليوم ما كان مرفوضا عنده أمس، أو العكس؟ أو لم ير اليوم صواب مصادقة من كان يدعو إلى معاداته من قبل، أو العكس؟ إن التقلب والتبدل في الآراء دون ذكر الاسباب الداعية إلى ذلك، يتنافى مع احترام الآخرين، بل يتنافى أيضا مع احترام الذات، كما يؤدي إلى عدم الثقة في صاحبه ويظهره في صورة المرائي الذي ليس من طبعه معرفة الحق أو اتباعه.