واشنطن: محمد علي صالح وضعت مجلة «واشنطن بوست» على غلافها صورة الشاب الأميركي المصري أدهم طلعت، مع سؤال: «هل سيكون أدهم طلعت لاعبا أبكم في ناد أميركي رئيس؟». ومع العبارة الآتية: «كان أدهم طلعت أشهر لاعب كرة قدم في كلية غولوديت، ويأمل الآن أن يكون الأشهر في ناد محترف». وتعد كلية غولوديت، كلية الصم في واشنطن العاصمة، وهي واحدة من أكبر كليات الصم في العالم. في تاريخ كرة القدم الأميركية، لعب في نادي محترفين عدد قليل جدا من الصم، أو شبه الصم. وحسب تعريف الرابطة الوطنية الأميركية للصم، يعتمد التمييز بين «الصمم» و«شبه الصمم» (أو «ضعف السمع») على خيار الشخص نفسه، حسب تقييمه لنفسه (وليس حسب تقييم الآخرين). ولد طلعت في عام 1990 في ضاحية الإسكندرية (في ولاية فرجينيا، ومن ضواحي واشنطن العاصمة). وعندما كان طفلا رضيعا، شعر الوالدان بأنه، أحيانا، يتجاهلهما عندما ينادونه: «أدهم، أدهم، أدهم». في البداية، اعتقدوا أنه يتعمد ذلك، وأنه سيكبر ويكون عنيدا. وتذكرت والدته نسرين البنان: «عندما يلعب مع الأطفال، مثلا، يضربون على أوعية فارغة، ويتوقف أغلبية الأطفال، كان هو الوحيد الذي يواصل الضرب، ويسبب صوتا عاليا». ومرة أخرى، عدوه مخالفا، وعنيدا. وتذكر والده، يوسف طلعت، أنهم عدوه متأخرا في النمو. عندما كان عمر آدهم 18 شهرا، سافر مع والديه الأميركيين المصريين إلى مصر، في زيارة عائلية. وفي الزمالك، في غرب القاهرة، لاحظت الجدة ليلى البنان تصرفات حفيدها، وأعلنت عن قلقها. وبعد زيارات إلى أطباء، تأكد لهم أن أدهم يعاني صعوبة في السمع. وعندما عادت العائلة إلى واشنطن، ذهبت إلى المركز الطبي الوطني للطفولة. وبعد فحوص كثيرة، قيل لهم إن أدهم يعاني معاناة كبيرة من قلة السمع. وحسب التعريف الطبي، يمكن أن يكون الصمم خفيفا، أو متوسطا، أو كاملا. وتذكرت والدته نسرين: «كانت هذه أكبر صدمة في حياتي». في وقت لاحق، دخل أدهم مدرسة متخصصة في تعليم الصم، وتعلم لغة الإشارة، وتقدم في جهوده المدرسية. وأيضا، في رياضة كرة القدم، رياضته المفضلة. لكن، لم يكن كل شيء سهلا. وخاصة التعبير. وخاصة لأن أحدا في العائلة لم يكن يعرف لغة الإشارة. واضطر أدهم لدراسة حركات الشفاه ليعرف ماذا يريد الناس أن يقولوا له. لكن، بفضل التقدم في التكنولوجيا، وفي المدرسة الثانوية، استطاع أدهم مواصلة دراسته عن طريق نظام «إف إم» (يتحدث المدرس وسماعة موضوعه في جيبه، ويتابعه أدهم المدرس عن طريق ميكروفون صغير في أذنه). وقال أدهم لأنا كاثرين كليمونز، صحافية في مجلة «واشنطن بوست»، وهي التي كتبت عنه، إنه كان يتعرض لإحراجات وتحرشات. وأيضا لأنه كان بدينا. وقال أدهم: «يريد بعض الناس أن يستغلوا ضعفا صغيرا عندك. يريدون أن يحسوا بأنهم أحسن منك. استغلوا السماعة التي أضعها في أذني. لاحظوا أنها شيء غريب، وقرروا أن يستغلوها للتقليل من قيمتي». لكن، لم يوقف ذلك همة أدهم. وفي نهاية المرحلة الثانوية، أحرز نتيجة طيبة أدخلته جامعة ماساتشوستس (في أمهيرست). ومرة أخرى، ساعده التطور في التكنولوجيا. وصار يستعمل الكومبيوتر لمخاطبة الآخرين، ومواقع الاتصال الاجتماعي، ثم «آي فون». وعن طريق «فيسبوك»، عرف أدهم من زميل سابق يعاني صعوبة في السمع أن كلية غولوديت للصم في واشنطن يمكن أن تقبله بمنحة ليلعب في فريقها لكرة القدم. وهكذا، بدأ أدهم رحلة أربع سنوات. وها هو اليوم، بعد أن أنهى دراسته الجامعية يريد أن يحترف لعبة كرة القدم، ويدخل نادي محترفين. وقال أدهم للصحافية الأميركية إن توفيق الله كان عونه الأول. وقال: «كلما أصلي، يغمرني هذا الإحساس العظيم، إحساس علاقتي القوية بالله».