النسخة: الورقية - سعودي لا أعرف كيف يتم تقويم الخاضعين لبرنامج المناصحة، لأنه يعتبر بمثابة تعليم، أو دورة تدريبية أفترض أنها مبنية بناء محكماً، فهل هناك اختبار كما في بعض الدورات، يحدد بعده الناجح ومن لم ينجح؟ أم أنها شهادات «حضور» فقط كما تفعل بعض جهات التدريب التي تفترض في المنضم إلى أي برنامج رغبته في الاستفادة والاستزادة أكثر من رغبته في ورقة تضم إلى «ملفه»؟ أعرف أن هذا البرنامج كمبادرة حكومية يحمل وعياً بأهمية العمل الفكري، ويحمل نوعاً من الاهتمام بتتبع أصل الجريمة وجذورها في محاولة اجتثاثها، وهو اهتمام سبقت به وزارة الداخلية جهات أخرى هذه مهمتها في الأساس بعضها انتبه لاحقاً وبدأ، وأنه حقق نتائج ليس فقط على صعيد إعادة البعض إلى «الجادة»، ولكني أخمن أنه يرصد ويؤسس لقواعد معلومات مهمة في مكافحة الإرهاب على المدى البعيد، معلومات عن أساليب وخطط وثغرات أتاحت غسل الأدمغة، وتدريب الأجساد، وما يمكنني تسميته «تحييد الأرواح». أعرف من قبل ومن بعد خبر القبض على المجموعة الإرهابية أن وزارة الداخلية تعمل بالفعل بشكل يشيع الشعور بالأمن، مهنية عالية، واهتمام بالنوع، ومورد بشري منتقى ومؤهل، وقيادة تفوض الصلاحيات، وتستمع كثيراً وعميقاً، وعمل في صمت حتى لحظة الإعلان عن المنجز، وليس عن «المتوقع» و«المؤمل». في ليلة إعلان الخبر غرّدت ببضع جمل اجتهدت فيها، وجرى العرف أن نغرّد بما كتب ونشر، وسأخالف العرف قليلاً، وأنشر ما غرّدت به حرفياً: «الداخلية السعودية تثبت الجدارة يوماً بعد يوم... الداخل السعودي يجب أن يعيد النظر في (ثوابت).. واهية»، «35 من الإرهابيين من (المطلق سراحهم)، يبدو أن لجان المناصحة مثل بعض المدارس الأهلية... تدف»، «برنامج المناصحة: هل يجب أن يتم على أيدي الشيوخ فقط... أقترح أن يضم الأطباء وأخصائيي النفس والاجتماع وحتى... المواطن العادي الطيب البسيط»، «عندما تكون معظم أحاديث الصغار عند عودتهم من المدرسة عن «الحرام».. يغيب (الحلال) عن المشهد الحياتي... فيختل التوازن»، «غياب صناعات مثل المسرح والسينما والترفيه ووجود مؤسسات الثقافة والفن تحت مظلة الحكومة جزء صغير لكنه مهم من مشكلة الإرهاب»، «حب الحياة... ممارسة الحياة... تغيب مقابل ثقافة الدم لدى المقبوض عليهم... من هنا تصنع رؤى... العيش الذي ترسمه القوانين ويلونه التحضر». ربما يكون بعض من خضع للمناصحة اقتنع من شيوخها، لكنه عند استعادة حريته، اقتنع من «شيوخ» آخرين، وكأنني أتخيل نقاشات مطولة تتخللها دوماً كلمة «نحن رجال وهم رجال»، وهكذا تتم إعادة تجنيدهم مجدداً. يثبت يوماً بعد يوم أن تغليب ثقافة الموت والدم والخراب على ثقافة الحياة والتحضر والاستمتاع الحلال له مسببات كثيرة هي من تضعف تعزيز «الإنسان» في دواخل هؤلاء، السؤال: كيف نعزز «الإنسان» داخلهم؟ mohamdalyami@