×
محافظة المنطقة الشرقية

آبل تعتزم الكشف عن هاتف «آيفون 6» في أغسطس القادم

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي ما زال اللبنانيون يعيشون تاريخهم السياسي في القرن التاسع عشر. أيام القائمقاميتين ثم المتصرفية. عندما كانت الوصاية للسلطنة العثمانية، وللدول الأوروبية (بريطانيا وفرنسا والنمسا وبروسيا وإيطاليا) التي ما زال بعضها يتصرف على أساس أنه سيد مستعمراته. لم يبق من هذه الدول سوى بريطانيا وفرنسا. والأخرى استبدلت. الأكثر فاعلية في لبنان الآن هي واشنطن، ثم باريس ثم لندن. تضاف إليها طهران والرياض ودمشق قبل أن يلفحها نسيم «الربيع العربي». في الداخل ما زالت الطوائف تتطلع إلى هذه الدول لإنقاذها من نفسها. هي مستعدة للعودة إلى الحروب الأهلية، بحجة الدفاع عن وجودها. والخارج مستعد لنجدتها عندما تخدمه الفوضى ويرى أن إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط ممكنة. في لبنان الآن سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية، وفيه صحافة حرة. أي كل المؤسسات التي توحي بالسيادة. لكن لا سيادة لهذه السلطات. البرلمان رهينة لدى الطوائف، لكل منها ممثلون يدافعون عنها. مجلس الوزراء لا يشكل إلا بعد استشارة الخارج، من أميركا إلى الخليج. رئيس الجمهورية تنتخبه الدول الصديقة والشقيقة والعدوة قبل أن ينتخبه النواب. القضاء ايضاً رهينة لدى الطوائف والمذاهب. وقد صادرت المحكمة الدولية الخاصة صلاحياته. كل ست سنوات، اي موعد الاستحقاق الدستوري لانتخاب رئيس للجمهورية، تبدأ الدول صاحبة الوصاية مساوماتها لاختياره وفرضه على البرلمان لينتخبه. وعلى من يسعى إلى الرئاسة أن يكون مارونياً أولاً. والأهم من ذلك أن يكون صديقاً للجميع. لا يستفز الطوائف الأخرى. ولا يسعى إلى استفزاز أي دولة، شقيقة كانت أو غير شقيقة. للتذكير فقط: فؤاد شهاب لم يصل إلى الرئاسة قبل موافقة مصر عبد الناصر، عندما كانت القاهرة صاحبة الكلمة العليا. إلياس سركيس لم يصل إلا بعد موافقة فرنسا وأميركا وسورية. بشير الجميل انتخبته الدبابات الإسرائيلية. إلياس الهراوي جاء بموافقة دمشق التي كانت تتولى شؤون لبنان بتوافق مع باريس وواشنطن والعرب. إميل لحود انتخب بدعم سوري وغض نظر أميركي. ميشال سليمان انتخب في مؤتمر الدوحة. الآن انتهى عهد سليمان. بدأ البحث عن رئيس توافقي، لا يضر ولا ينفع. كل ماروني مرشح. لكن سمير جعجع سبق الجميع. بترشحه أحرج حلفاءه قبل خصومه. فالرجل محكوم بقضايا جنائية إحداها اغتيال رئيس الوزراء رشيد كرامي. أمين الجميل، وهو رئيس سابق، ليس مقبولاً لبنانياً أكثر من جعجع. بطرس حرب كان رأس حربة لدى قوى 14 آذار، ميشال عون يستفز الجميع... فضلاً عن ذلك فالخلاف داخل الطائفة المارونية على أشده. لم تستطع البطريركية التوفيق بين المرشحين. هذا في الداخل. أما الدول صاحبة النفوذ فلم تستقر على رأي بعد. ولا يمر يوم من دون سماع أو قراءة تصريح لنواب ومسؤولين تستبعد انتخاب رئيس قبل توافق هذه الدول على أحدهم، مشددين على الحرية والاستقلال والسيادة، رافعين شعار الرئيس «صنع في لبنان». يلعب السفراء في بيروت اليوم دور القناصل في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، عندما أصبحت السلطنة العثمانية في آخر ايامها، وعندما اتفقت مع الدول الأوروبية على أن يكون المتصرف مسيحياً غير لبناني وغير تركي. واختير المتصرفون على هذا الأساس. فكان منهم النمسوي، والأرمني والألباني. وهم: داود باشا الأرمني، فرنكو باشا، رستم باشا، واصا باشا، نعوم باشا، مظفر باشا، يوسف باشا، وأوهانس باشا. وكي يحفظ تلاميذ المدارس أسماء هؤلاء المتصرفين، اختير الحرف الأول من اسم كل منهم وصيغت من الأحرف كلمة «دفرونميا» التي أصبحت جزءاً مهماً من ذاكرتهم التاريخة. وجزءاً أهم من تقليد لبناني ما زال ماثلاً امامنا إلى اليوم. لن يكون لنا رئيس في انتظار تبدل الأوضاع في الإقليم، خصوصاً في سورية. وقد تفيدنا الهدنة بين الدول المتصارعة مثلما حصل عند تشكيل الحكومة. وإلى ذلك التاريخ سيبقى الفراغ سيد الموقف، وسيستمر، انتخبنا رئيساً أو لم ننتخب.