نصف قرن عمر ثلاثة أسواق عشوائية بمكة المكرمة تفيض بالمخالفات والتجاوزات، تحولت إلى بثور مزمنة في وجه قبلة الدنيا مكة المكرمة، لم تفلح الحملات الرقابية والأمنية في اجتثاث عروقها الضاربة في مواقعها، حتى أصبحت علامات فارقة في السوق التجاري المكي يقصدها المواطنون والمقيمون على حد سواء. الأسواق المخالفة التي كانت أشبه بمواد صحافية لمحرري الصحف المحلية، نسفتها معدات القطع والهدم الصخري الأسبوع الجاري، تمثلت في مشروع الطريق الموازي المعروف بطريق الملك عبدالعزيز حيث تم نسف أشهر الأسواق الأفريقية، وهي سوق القورو وسوق المنصور وسوق قودن قدا. وتتمثل مخالفات سوق قودن قدا في بيع الملابس المستعملة التي يهبها المواطنون تحت مظلة الصدقات على قارعة الطريق، وداخل أزقة سكنية ضيقة تمارس مطاعم متحركة تجارة تقديم المأكولات الأفريقية، إضافة إلى مزاولة الحلاقة والحجامة وتقليم الأظافر وبيع المسروقات والمتروكات التي تجمع من أحياء مكة ليتم بيعها في تلك الأسواق. ومن بين الأسواق التي طالتها معدات التطوير «زقاق القورو» الذي يخترق الحارات السوداء.. وبعرض يقل عن خمسة أمتار وبطول 40 متراً يمثل ملامح لمدينة أفريقية!. حيث تباع نبتة القورو الأفريقي الشهيرة إضافة إلى بيع أطعمة مكشوفة تباع بطريقة بدائية، وحبات من البيض داخل عبوات الحليب المجفف مجهزة للتوزيع، وعبوات وقنينات غريبة لعلاج الضعف الجنسي، وبضائع لا يعرف مصدرها وأخرى منتهية الصلاحية، ولحوم ودجاج مكشوفة عليها آثار الشواء تعرض مكشوفة. ويعتبر هذا السوق أكبر شارع لتجارة القورو في مكة المكرمة، والممول الأول لكل الجاليات الأفريقية داخل مكة وما حولها من ضواح حيث يظل موسم الحج أكبر موسم لتوفير القورو الذي يهرب داخل حقائب الحجاج الأفارقة. فيما يغرق السوق الثالث بين أزقة سكنية ضيقة تحولت إلى خانات يستحيل معها مرور سيارات الخدمات والأمن والنقل فيما تبلغ المخاوف الذروة في حالة نشوب حريق. المكيون وهم يودعون الأسواق الثلاثة ظهروا غير مكترثين بإزالتها غير عابئين بحالها وكأنهم يدفنون أوراماً سرطانية مزمنة ظلت لسنوات طويلة مصدر إزعاج للسكان والجهات الحكومية.