×
محافظة المنطقة الشرقية

وفاة «فتاة الألعاب النارية» بخميس مشيط

صورة الخبر

تعد الإشاعة هي من أخطر المعلومات التي يتم تداولها بين الناس لكونها في الأساس مبنية على وقائع غير صحيحة أو وقائع محرفة. والمجتمع للأسف مليء بالكثير من الإشاعات التي يتم تداولها عبر الاتصال الشخصي أو عبر وسائط الهاتف كواتساب أو رسائل SMS أو عبر الإنترنت في تويتر وفيسبوك ومنتديات ومواقع إلكترونية. وربما أن هذه الإشكالية هي التي جعلت من جامعة الملك خالد تنظم «المؤتمر الدولي للإعلام والإشاعة: المخاطر المجتمعية وسبل المواجهة» الذي ستنظمه الجامعة في ذي القعدة المقبل بمشيئة الله بمشاركات دولية كبيرة في هذا الموضوع. والإشاعة كموضوع دراسة وكحالة اجتماعية قديمة ولربما أن بداية القرن العشرين شهد أحد أهم الأعمال في مجال الإشاعة عندما أجرى العالم الألماني وليام سترن Stern تجربة لمعرفة مدى التحريف الذي يحدث في نقل معلومات (إشاعة) عن موضوع معين، وقد لاحظ هذا العالم أن سلسلة من الأشخاص الذين يتم تداول موضوع بينهم ستصل المعلومات محرفة بنهاية هذا السلسلة. ولكن من أشهر من كتب عن الإشاعة هو العالم الأمريكي روبرت ناب Knapp والذي قام بتحليل آلاف من الشائعات خلال الحرب العالمية الثانية، وصنفها حسب ثلاثية شهيرة: شائعة الأمل، وشائعة الخوف، وشائعة الكراهية. ومجتمعنا السعودي يفيض بالكثير من الإشاعات وإذا طبقنا أشهر هذه الأنواع لأنه توجد أنواع أخرى غيرها، سنجد نماذج لإشاعات كثيرة موجودة في مجتمعنا، وخاصة عبر وسائل الإعلام الجديد ووسائل التواصل الهاتفي، نسمعها ونقرأها ونشاهدها يومياً، وهنا توضيح لبعض نماذجها: 1- شائعات الخوف: وتكثر هذه الأنواع من الشائعات وقت الكوارث والأزمات عندما يكون هناك مصدر خوف معين يهدد أمن وسلامة المجتمع. فمثلاً أثناء حوادث لهجوم بعض الإثيوبيين على بعض أفراد المجتمع، فظهرت الكثير من الشائعات التي انتشرت وقد سببت القلق والخوف للناس في كل مناطق المملكة. وهناك شائعات عن ارتفاع الأسعار وشائعات عن فيضانات وأمطار وعواصف وغير ذلك. 2- شائعات الأمل: وهي شائعات الأحلام والأماني التي يحدو مطلقوها الأمل في تحقيقها، مثل شائعات زيادة مرتبات الموظفين، أو مكرمات سنوية أو تشكيل وزاري أو تعيينات معينة. ولكن أشهر هذه الإشاعات هي شائعة إجازة المدارس، فكلما سمع أو قرأ طلابنا عن تغير في الأحوال الجوية أطلقوا إشاعة أن غداً إجازة في الرياض أو الشرقية أو مكة أو أبها أو حائل أو أي مدينة أخرى. 3- شائعات الكراهية: وهي شائعات هدفها زرع الكراهية بين شرائح المجتمع، والمناطق وأحياناً بين الشعوب. مثل أن شريحة معينة ليس لها ولاء للدولة أو المجتمع وإظهار معلومات مغلوطة تسيء إلى تلك الشريحة، أو مواطن تعرض لمضايقة في دولة أخرى ويتم تداول مقطع أو معلومة بهدف زرع الفتنة بين شعوب منطقة معينة أو بين الدول. كما أن شائعات الكراهية قد تكون موجودة في الشائعات التي يتم إطلاقها عن ممارسات بعض الجهات مثل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد (والله أعلم) يكون هدفها التشكيك في أداء هذا الجهاز مثلاً. إن أي مجتمع من المجتمعات لا يخلو من وجود الإشاعات، ولكن في نظري أن مجتمعنا السعودي يتفوق على غيره من المجتمعات في انتشار الإشاعات، ولا يوجد مرفق من المرافق إلا وتدور حوله سيل من الإشاعات. مثلاً في الرياضة توجد بها إشاعات كثيرة عن انتقال لاعب أو إقالة مدرب أو تفاوض مع لاعب دولي وغيرها من الإشاعات الرياضية. كما أن القطاع الاقتصادي مليء كذلك بالكثير من الإشاعات التي ترفع من أسهم شركة وتسقط شركة أخرى في سوق المال، ونتيجة هذه الإشاعات تفقد سوق المال مليارات الريالات أو تكسب بعض الشركات زيادات ضخمه في أسهمها نتيجة مثل هذه الإشاعات. وهناك شائعات كثيرة في القطاعات الصحية كانتشار أوبئة أو وجود إصابات أو وفيات أو إخفاق عمليات جراحية أو أخطاء طبية في المستشفيات. وهناك كذلك إشاعات في الأجهزة الأمنية كالقبض على مطلوب أو توقع عمليات إرهابية لا قدر الله أو هروب مختل عقلي أو سجين أو مجرم وغيرها من الحوادث التي تثير القلق في المجتمع. ولأهمية هذه الأحداث والمواقف ونظراً لانتشار الكثير منها على شكل شائعات، فإن المؤتمر الدولي للإعلام والإشاعة الذي تنظمه جامعة الملك خالد يكتسب أهمية كبيرة في هذا الموضوع ولا سيما أن مشاركات دولية ووطنية كبيرة ستسهم في مناقشة هذا الموضوع من مختلف جوانبه، كما أن مشاركات مؤسسات وطنية رسمية في هذا الموضوع سيسهم في بلورة التحدّيات التي تواجه هذه الجهات أمام سيل الشائعات التي تفرزها وسائل الإعلام الاجتماعي بشكل خاص. ويبقى أن أشير هنا إلى أن الشائعة لها ركنان أساسيان، هما الأهمية والغموض، فموضوع الإشاعة يكتسب أهمية لدى المجتمع كما أن نقص المعلومات وعدم توفرها في الوقت المناسب سيسهم في زيادة الإشاعة ونموها نتيجة غموض الحدث ونقص المعلومة. وفي محاولة التصدي للإشاعات نحتاج لجهاز إعلامي واعٍ بدوره ووظيفته الإعلامية لقطع أو التقليص من تأثير الإشاعات.