اتفقت دول مجلس التعاون الخليجي أمس على حل آخر الخلافات التي تعرقل إقامة الاتحاد الجمركي بينها، ولا سيما مسألة تقاسم إيرادات الجمارك. وكان قادة دول مجلس التعاون الخليجي قد حددوا مطلع 2015 موعدا لتطبيق الاتحاد الجمركي الذي كان مقررا أصلا عام 2003 لكن أجل تطبيقه مرارا لحين حل الإشكالات المتبقية. ووفقاً لـ "رويترز"، فقد أوضح أنس الصالح وزير مالية الكويت أن وزراء دول مجلس التعاون الخليجي اتفقوا على كل النقاط التي تعوق تحقيق اتحاد جمركي بين دول المجلس، مضيفا أنه تم الاتفاق على تكليف بعض الجهات بإعداد الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع. وتابع الصالح "الحمد لله تم الاتفاق على كل النقاط التي كان هناك عليها عدم فهم. الآن الفهم صار واضحا بينهم". وجرى تدشين الاتحاد الجمركي الخليجي في عام 2003 وسط إشادات من المسؤولين باعتباره إنجازا مهما في مواجهة مزاعم المنتقدين الذين قالوا إن تكتل الدول الخليجية لن يستطيع تحقيق تكامل اقتصادي في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم، لكن خلافات أخرت التوصل إلى اتفاق بشأن نظام دائم لتوزيع العائدات الجمركية على دول مجلس التعاون الخليجي. وزراء مالية دول مجلس التعاون الخليجي الست خلال اجتماعهم في الكويت أمس. "الفرنسية" وكان الصالح قد طالب دول مجلس التعاون الخليجي في كلمته الافتتاحية بتقديم تنازلات من أجل المضي قدما في تحقيق الاتحاد الجمركي الخليجي، وردا على سؤال حول ما إذا كان الوزراء قد اتفقوا على آليات توزيع الإيرادات الجمركية، وهي إحدى العقبات الرئيسة في موضوع الاتحاد الجمركي، قال الصالح إن الوزراء رأوا تغليب المصلحة العامة، وأنه هناك اتفاق على هذه الآلية، آلية التوزيع وآلية الاختيار، وتكليف الأمانة بإعداد بعض الدراسات حتى تكون الصورة أوضح. وأضاف الصالح أنه تم تدارس كثير من البنود التي كانت معلقة، والحمد لله تم الاتفاق على التنسيق ما بين الدول في الإجراءات الجمركية والاتحاد الجمركي، وتم الاتفاق على ضرورة التكامل الاقتصادي. وقال الصالح "بكل أمان وبكل سرور يسعدني أن أقول إن هناك توافقا كاملا على بنود جدول الأعمال، وما دار في الاجتماع لا يدل إلا على تفاهم مطلق، والكل للأمانة تعاون بشكل يثلج الصدر". وجاءت تصريحات وزير المالية الكويتي على هامش الاجتماع الذي تشارك فيه السعودية بوفد برئاسة الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف وزير المالية، ويضم صالح بن منيع الخليوي مدير عام مصلحة الجمارك العامة، والدكتور سليمان بن محمد التركي وكيل الوزارة للشؤون المالية الدولية. وفي وقت سابق قال مسؤولون في مجلس التعاون الخليجي إن الإمارات مركز التجارة الإقليمي ليست راضية بحصة من العائدات اقترحتها الأمانة العامة للمجلس، لكن بعضهم أشار إلى أن العقبة الأكبر من ذلك هي إزالة الروتين عند المعابر الحدودية. وإلى جانب السعودية والإمارات أكبر اقتصادين في مجلس التعاون الخليجي فإن الاتحاد الجمركي يضم أيضا الكويت وقطر وعُمان والبحرين. وعانت محاولات مجلس التعاون الخليجي على مدى ثلاثة عقود لمحاكاة التكامل الاقتصادي للاتحاد الأوروبي من تعطل مشروع الاتحاد النقدي والمنافسة الإقليمية بين الرياض وأبوظبي. من جانبه قال عبد اللطيف الزياني أمين عام مجلس التعاون في كلمته الافتتاحية إن الوصول إلى الوضع النهائي للاتحاد الجمركي المتمثل في إزالة العوائق الجمركية وغير الجمركية لانتقال السلع الوطنية والأجنبية بين الدول الأعضاء هدف تسعى دول المجلس لتحقيقه منذ عام 2003. وأضاف الزياني أن قادة دول مجلس التعاون الخليجي قرروا في كانون الأول (ديسمبر) 2011 في السعودية إنشاء هيئة الاتحاد الجمركي ووجهوا بأن تقوم الهيئة بالاتفاق على النقاط الواردة في مهامها قبل الاجتماع التشاوري للمجلس الأعلى في 2014 للوصول إلى الوضع النهائي للاتحاد الجمركي في الأول من كانون الثاني (يناير) 2015. وأشار إلى أن مسؤولية اللجنة تتمثل في تجاوز العوائق التي تعترض إنجاز الوضع النهائي للاتحاد الجمركي وتفعيل العمل بقرارات السوق الخليجية المشتركة وفق توجيه قادة دول المجلس لتحقيق آمال وتطلعات مواطني المجلس والتعامل بكفاءة مع التطورات والمستجدات الإقليمية والدولية. وبين الزياني أن الوصول إلى الوضع النهائي للاتحاد الجمركي المتمثل في إزالة العوائق الجمركية وغير الجمركية لانتقال السلع بين الدول الأعضاء مع إبقاء الرقابة في الجانبين الأمني و"المحجري" تنفيذا لما ورد في الاتفاقية الاقتصادية هدف تسعى دول المجلس لتحقيقه منذ عام 2003. وأوضح أن الاجتماع استعرض عددا من الموضوعات أهمها دراسة تعميق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء، فضلا عن استعراض التوصيات المرفوعة من لجنة وكلاء وزارات المالية والاقتصاد بدول المجلس في اجتماعيها الـ 43 العادي والـ 44 الاستثنائي حول اجتماعات فرق العمل واللجان الفنية الأخرى المنبثقة عن هذه اللجنة. وأفاد الزياني بأن من ضمن الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال الحالي استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي والنظام الأساسي للهيئة القضائية الاقتصادية وتوصيات لجنة السوق الخليجية المشتركة ودراسة تقريب الحوافز والمزايا المقدمة للقطاع الخاص بدول المجلس، إضافة إلى مناقشة مشروع برنامج العمل والشراكة البيئية لمنطقة الخليج مع البنك الدولي.