بيَّن الدكتور فلاح العنزي المشرف على وحدة النفس العيادي أن جامعة تبوك حازت عام 1430 قصب السبق في تأسيس أول برنامج نفسي عيادي سعودي وعربي متوافق مع المعايير العالميَّة لتأهيل الاختصاصي النفسي العيادي. وقد اتخذت جامعة تبوك هذه الخطوة الرائدة بالتعاون مع كلية علم النفس بجامعة جنوب أستراليا، ثمَّ تأسست وحدة علم النفس العيادي في كلية التربية والآداب بقرار من مدير الجامعة الدكتور عبد العزيز بن سعود العنزي في (5 - 2 - 1431). وتولت هذه الوحدة مهمتين رئيسيتين، الأولى تعليميَّة تتجسّد في تنفيذ تدريس وتدريب طلاب برنامج ماجستير علم النفس العيادي العملي، والثانية خدميَّة تتمثل في توفير العلاج النفسي والتقويم النفسي والاستشارات للأفراد والمؤسسات في منطقة تبوك. وتستقبل الوحدة الأفراد سواء أتوا إليها كأفراد أو أحيلوا من قبل مؤسسات مختلفة كالمدارس أو الإدارات الحكوميَّة المدنية والعسكريَّة. وتلتزم وحدة علم النفس العيادي، سواء في التدريس أو في العلاج والخدمات النفسية، برسالة وأهداف حركة ممارسة علم النفس المبنية على الأدلة Evidence Based Psychology Practice، أيّ أن الطرق العلاجية المستخدمة لا بد أن تكون من ضمن الطرق التي ثبت فائدتها في دراسات علميَّة معتبرة. كما يسجل لجامعة تبوك سبق تخريج أول دفعة سعودية من برنامج نفسي عيادي وطني خاضع لمعايير التدريب العيادي العالميَّة، أكمل خلالها أفرادها خمسة فصول دراسية، الثلاثة الأخيرة منها تمثِّل متطلبات التدريب العيادي في مؤسسات خدمة رعاية صحيَّة مختلفة منها مجمع الصحة النفسية بمدينة تبوك، ومستشفى الملك خالد العسكري، ومركز التأهيل الشامل، وأنهى خلالها كل طالب 1000 (ألف) ساعة عيادية. ويعمل الخريجون الآن في مناطق عدَّة من مناطق بلادنا الغالية، ويمثِّلون نواة لمهنة علم النفس العيادي. ومن الجدير بالذكر أن معايير برنامج ماجستير علم النفس العيادي هي نفسها المعايير التي طبّقتها الهيئة السعوديَّة للتخصصات الصحيَّة مؤخرًا على تصنيف الاختصاصيين النفسيين العاملين في المجالات الصحية. وقد حصل الاختصاصيون النفسيون الذين تخرجوا من برنامج جامعة تبوك على لقب «اختصاصي نفسي عيادي» من الهيئة السعوديَّة للتخصصات الصحية، كما أنهم حصلوا على بدل الندرة الذي يحسب لمن يحمل شهادة عيادية عليا ويصنَّف بناء عليها من قبل هيئة التخصصات كممارس صحي عيادي. وهذه الدفعة أيضًا هي أول دفعة من برنامج نفسي عيادي سعودي يتم تصنيفهم مهنيًّا من قبل هيئة التخصصات الصحية. ومن المتوقع تخرج 7 طلاب من البرنامج بعد إكمالهم الفترة الثالثة والأخيرة من التدريب العملي العيادي. وقد تَمَّ قبول 14 طالبًا وطالبة للالتحاق بالبرنامج العام المقبل (1435-1436). وجامعة تبوك بهذا البرنامج تسهم إسهامًا كبيرًا في رفع جودة الخدمات النفسية في مجالات عدَّة أبرزها: مستشفيات الصحة النفسية، ومراكز التأهيل، والسجون، ودور الملاحظة، والتَّعليم الخاص، والعيادات الطّبية الخاصَّة بالأمراض المزمنة كالسكر والألم المزمن وغيرهما، حيث إن العلاج والتدخل النفسي (غير الدوائي) مطلب أساسي في رعاية أفراد هذه الفئات وغيرها. ويؤهل خريجي البرنامج في إجراء التقويم النفسي والتشخيص من خلال المقابلات العيادية والمقاييس النفسية، وفي وضع الخطط العلاجية الفردية وتنفيذها، وفي تقديم الاستشارات النفسية العامَّة، وفي التثقيف الصحي النفسي للناس. وهذا يعد قفزة جبارة بمستوى الخدمات التي يمكن أن يقدمها للمجتمع أحد أهم التخصصات المهنية في علم النفس، ألا وهو علم النفس العيادي.