هؤلاء الخريجات الجامعيات العاطلات اللائي يشتكين أوضاعهن لطوب الأرض متى تحل أمورهن وينظر في حالهن التي لا ترضي أحدا؟ من المؤسف طبعا أن يكون لدينا خريجات بالآلاف وفي تخصصات جامعية متعددة، وأحيانا نادرة، وفي النهاية يقضين عقودا وسنينا من أعمارهن خلف سراب الأمل الوظيفي الذي لم يتحقق إلى الآن. هؤلاء الخريجات العاطلات طرحن قضيتهن مرارا وتكرارا في التلفزيون والصحف وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، لكن لا أذن تسمع ولا عين ترى ما يكابدنه من مرارة الحرمان من الوظائف بعد أن حلمن طويلا بأوضاع حياتية أفضل، من البديهي أن يطالبن بها بعد التخرج، باعتباره المنعطف الطبيعي نحو الحياة العملية والاستقرار والأمان المعيشي. ولو أعدنا قراءة هذه المسألة الشائكة من جديد، سنجد أن الجهازين الموكل إليهما توظيف المرأة السعودية، وهما الصحة والتعليم، قد ضاقا بما لديهما، بينما لا تزال الجهات الأخرى ــ حكومية وخاصة ــ تقدم رجلا وتؤخر عشرا في فتح مجالات التوظيف الواسعة والمتعددة أمام المرأة. وكل ذلك تحت وطأة تلك الحجة الأزلية: (الاختلاط). وهي حجة ضيقت، فيما سبق، مجالات عمل البنات اللائي يتدفقن بالآلاف كل سنة من الجامعات إلى أن وصلنا كمجتمع إلى حالة أشد وطأة، وهي محدودية فرص التوظيف للشباب. وكانت النتيجة تفاقم مشكلة توظيف البنات أكثر من السابق، بعد أن أصبحن يجابهن باسطوانة جديدة هي ضرورة توظيف الشباب العاطلين أولا. أي أن البنت بعد أن دفعت سابقا ثمن سوء التخطيط والتمكين تدفع الآن ثمن إعطاء الأولوية للشباب الخريجين على حساب انتظارها وحياتها وآمالها العريضة. وبذلك نكون ــ فعلا ــ أمام معضلة حقيقية تتطلب تدخلا حكوميا عاجلا وناجحا يخرج هؤلاء العاطلات فعلا من أزمتهن الممتدة والمستفحلة. ويضعهن ــ في الوقت نفسه ــ ضمن سياق الحلول التي تتخذ الآن لإعطاء كل خريج وخريجة الوظيفة التي يستحقها أو تستحقها، سواء تخرجت قبل عشرين سنة أو قبل سنة، إذ ليس من المعقول أن نتعامل مع مشكلات الخريجين الجدد وندفن بالتطنيش أو النسيان مشكلات الخريجين والخريجات السابقات. الحق في الوظيفة للجميع: سابقين وحاليين ولاحقين.