النسخة: الورقية - سعودي كان خروج صواريخ «رياح الشرق» للعلن، حدثاً عسكرياً سعودياً نادراً وفريداً، إذ عُرف عن السعوديين العملُ بصمت، وتحاشي الاستعراضات العسكرية ما أمكن، ولا شك في أن العرض العسكري المشكَّل من الجيش والحرس الوطني، فاجأ المراقبين الذين وجدوا أنفسهم ليسوا أمام مناورات «سيف عبدالله» فقط، بل ويصاحبها ظهور صواريخ رياح الشرق ذات الثقل الاستراتيجي في المنظومة العسكرية السعودية. ولأن المعلومات عن القوات المسلحة السعودية قليلة كنتيجة طبيعية لدولة تعتمد العمل الديبلوماسي والسلمي في خوض خصوماتها، إلا أنه بدا واضحاً أن اعتماد القيادة السعودية لقواتها المسلحة بكل أفرعها لم يعد خياراً بعيداً عن تفكيرها، بل يؤكد تغير التفكير الاستراتيجي في القصر الملكي، ولاسيما مع احتدام الصراع في منطقة الشرق الأوسط. نشأ الجيش السعودي أول الأمر في عام 1348هـ (1929) على يد الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-، حين أمر بتشكيل نواة لوحدات جيش نظامي من ثلاثة قطاعات سميت أفواج «المشاة والمدفعية والرشاشات»، ونمت هذه القوة الصغيرة فيما بعدُ لتكون الجيش النظامي. وسأستعرض هنا أهم الحروب والمعارك التي خاضتها السعودية من خلال قواتها المسلحة، منذ تأسيسها وحتى اليوم. أولاً: في عام 1948، أي بعد 18 عاماً من إنشاء الجيش العربي السعودي، أرسل مفتي فلسطين أمين الحسيني مندوباً إلى الملك عبدالعزيز، رحمه الله، لطلب المساعدة في مقاومة المليشيا الصهيونية التي تدفقت لاحتلال فلسطين، فأمر الملك بإرسال مجموعة من الجنود وكميات من الذخيرة، للمشاركة في الحرب، بقيادة العقيد سعيد بيك الكردي ووكيله القائد عبدالله بن نامي، وبلغ عدد ضباط وأفراد الفرقة نحو 3200 رجل. ثانياً: خاض الجيش السعودي في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 1969 معركة مهمة لتحرير منطقة الوديعة، حين هاجمت قوات يمنية جنوبية مركز الوديعة الحدودي، كما اتجه جزء منها إلى مدينة شرورة في محاولة لاحتلالها، إلا أنها أجبرت على التوقف والتراجع، بعد دحرتها قوات سعودية برية وجوية، ومن ثم خاضت معركة كبرى تكللت باستعادة مركز الوديعة خلال يومين. ثالثاً: في «حرب أكتوبر» عام 1973، شاركت القوات السعودية بفعالية من خلال مجموعة من الألوية والأفواج والأسلحة في الحرب العربية-الإسرائيلية، ضمن الجبهة السورية، وفي معركة تل مرعي الشهيرة خاض الجيش السعودي معارك طاحنة مع الوحدات الإسرائيلية. رابعاً: في عام 1400هـ (1980)، اندفعت تشكيلات متنوعة من القوات المسلحة السعودية لتحرير الحرم المكي الشريف، الذي احتُل من المقبور جهيمان وجماعته الإرهابية، وخاضت القوات بتشكيلاتها كافة معارك شرسة، واستطاعت في خلال أسبوعين تحرير الرهائن، والقضاء على المسلحين وأسر المئات منهم. خامساً: فوجئت السعودية والعالم بهجوم القوات العراقية واحتلالها الكويت، وأصبحت القوات السعودية في موقف صعب، مع وجود جيش اعتبر حينها واحداً من أقوى جيوش العالم على أعتاب حدودها الشمالية، وخاضت القوات السعودية معارك قاسية في مدينة الخفجي الحدودية، كما كانت أول قوة دخلت للعاصمة الكويتية خلال معركة التحرير. سادساً: في عام 1992، ونتيجة لتنقل وتوزع أفراد من البادية بين السعودية وقطر، حدث اشتباك حدودي بين أفراد من حرس الحدود السعودي والقطري، نتج منه قيام القوات القطرية بمحاولة الدخول للحدود السعودية، إلا أن القوات السعودية اشتبكت مع القطريين واستطاعت خلال ساعات طردهم، والاستحواذ على مركز الخفوس الحدودي، وهو ما أعطى إشارة قاسية و«مستمرة» للقطريين، تؤكد أن لا تسامح مع أي أعمال عدائية. سابعاً: شاركت القوات المسلحة السعودية في حرب شرسة في عام 2009، ضد المليشيا الحوثية المدعومة من قوى إقليمية في المنطقة، إثر قيامها بالتسلل بين الحدود اليمنية-السعودية، وانتهت تلك الحرب الجبلية الصعبة خلال أسابيع بعد هزيمة الحوثيين، والوصول إلى اتفاق بعدم اختراق الحدود السعودية. massaaed@