من الصعب أن يتصور المرء أن منطقة القطب الجنوبي تؤثر في المناخ في بلد مداري مثل البرازيل، لكن أنتاركتيكا تتفاعل في الواقع مع أميركا الجنوبية برمّتها، بما فيها الأمازون. فهذه القارة المتجمّدة تتسبب بالجفاف في الأمازون وهي تعاني في الوقت عينه عواقب التلوث الصادر عن هذه الغابة. وقال عالم الفيزياء هيتور إفانجليستا دا سيلفا من جامعة ولاية ريو دي جانيرو الذي عاد من مهمته التاسعة عشرة في أنتاركتيكا، إن «كل ما يحصل على القارات من نشاطات بركانية وصناعية وزراعية يصل إلى أنتاركتيكا»، علماً أن 80 في المئة من التلوث الذي يجتاح القارة الجنوبية صادر عن أميركا الجنوبية، مقابل 10 في المئة عن أستراليا و10 في المئة عن بقية العالم. وأضاف: «من الخطأ أن نفكّر بأن أنتاركتيكا لا تصدر إلا التيارات البحرية وموجات الصقيع، لأنها في الواقع تتأثر كثيراً بالمناطق الأخرى في إطار نظام تبادل بين المناطق شبه المدارية وتلك القطبية». أما ليوناردو دوارته باتيسستا دا سيلفا المتخصص في الهندستين الزراعية والبيئية في جامعة ريو الفيديرالية، فاعتبر أن «الميزة الأكبر للبحوث التي تجرى في أنتاركتيكا هي أن المنطقة لم تخضع بعد لتدخل بشري واسع النطاق». وهذا التأثير الذي يتجلى بوضوح في المتساقطات وموجات البرد في البرازيل شتاء، قد يكون من العوامل التي تفسر تداعيات أنتاركتيكا على بلد مداري مثل البرازيل. وأنشأ العالم إفانجليستا وجيفرسن سيمويس من جامعة ريو غرانده دو سول في جنوب البرازيل أول مركز علمي متقدم لبلادهما في أنتاركتيكا باسم «كريوسفيرا 1»، على مسافة 3 آلاف كيلومتر من قاعدة كوماندناته فيراز البرازيلية في أرخبيل شيتلاند الجنوبي. ويعمل هذا المركز بالطاقتين الشمسية والهوائية ويضم طاقماً من أربعة علماء يقومون ببحوث في البيولوجيا المهجرية والمناخ وغازات الدفيئة والأشعة الكونية. ولاحظ الباحثون أن اشتداد الرياح في المنطقة الوسطى من أنتاركتيكا قد يؤثر في المناخ في الأمازون. واكتشفوا أن تقلص طبقة الأوزون في القطب الجنوبي يؤدي إلى انخفاض الحرارة في الستراتوسفير في المنطقة الوسطى، في حين أن الحرارة في محيط هذه المنطقة تبقى أعلى تحت تأثير غازات الدفيئة. وهذا التضارب بين موجات البرد والحر يزيد شدة الرياح ويغير هيكليتها تماماً في المنطقة الجنوبية من المحيط الأطلسي، ما يؤثر بدوره على المناخ في الأمازون. وتؤدي هذه الظاهرة، في جملة تداعياتها، إلى اشتداد موجات الجفاف في أكبر غابة مدارية في العالم.