ودعت أم محمد أصغر أبنائها «سليمان» بنظرات الأسى، وهي عاجزة على لمس ابنها الذي منعها الطبيب من تقبيله أو الاقتراب منه، لتوديعه بعد وفاته بفايروس «كورونا» في أحد المستشفيات الحكومية في محافظة جدة قبل أربعة أيام. وقضى الشاب «سليمان» قرابة الشهرين في المستشفى بسبب معاناته مع الأنيميا المنجلية على أمل التماثل للشفاء والخروج من المستشفى بعد شفائه، لكن سرعان ما تبدد هذا الحلم بكابوس «كورونا» الذي باغت الشاب في المكان الآمن الذي يمكن أن يلجأ إليه أي مريض. والتقت «الحياة» شقيق سليمان الأكبر محمد حلوي في ثالث أيام العزاء، إذ كانت غصة الحزن هي الغالبة على حديثه، وقال: «إن أخي سليمان أصيب بالفايروس داخل المستشفى الذي يتلقى علاجه فيه وبدأت معاناة أخي لحظة إبلاغه بإصابته بالفايروس من الطاقم الطبي وكانت طريقتهم في إبلاغه غير إنسانية، إذ أبلغوه بطريقة تؤكد أنه أصبح في عداد الموتى من دون إعطائه أي جرعة أمل في الحياة، ما سبب له صدمة نفسية دفعته للخروج من المستشفى لبضع ساعات واستطعنا إقناعه بعدها بالعودة للبدء في تلقي العلاج». ويوضح شقيق سليمان أن أخاه توفي بعد أسبوعين من إصابته بالفايروس وكان التخبط واضحاً في التحاليل، إذ لم يستطيعوا تحديد حالته تماماً، وقرروا أن يدخل إلى العناية المركزة كونه مصاباً بالفايروس، وبعد يومين تمت إعادته إلى قسم الباطنية الذي كان يرقد فيه بدعوى أن التحاليل إيجابية، وبعد يوم واحد تمت إعادته إلى العناية المركزة بحجة عدم دقة التحاليل وأنه مصاب بالفايروس وبدأ الأوكسجين يقل تدريجياً، لافتاً إلى أن «الاستشاري طلب منا التوقيع على التخدير للعلاج وأدخل التخدير ولم يفق بعدها». ويضيف: «دخلت ورأيت شقيقي المتوفى، وعندما أزلت الغطاء لتقبيله وجدتهم وضعوا عليه «بلاستيكاً» وكأنه قطعة لا قيمة لها، إذ حاولت إزالة هذا الغلاف لكنه كان محكماً، وتم وضع هذا «البلاستيك» خوفاً من انتقال المرض، إذ منعنا الاستشاري حتى من الاقتراب منه والسلام عليه حتى لا ينتقل الفايروس». وأشار إلى أن رحلة المعاناة لم تتوقف مع أخيه المتوفى منذ بدء الإصابة والتخبط في التحاليل وعدم دقة العلاج واتخاذ إجراءات مثل الإنعـــاش القـــلبي من دون علم أهله التي استمرت حتى بعد وفاته، وبعد التوجه لتسلم الجثمان لغسله ودفنه وأخذه من الثلاجة وسط خوف الممرضين والعاملين فيها، تم التوجه إلى إحدى المغاسل لكنهم رفضوا غسله، بيد أن «الواسطة» أدخلته إحدى المغاسل، وعند التوجه إلى إحدى المقابر لدفـــنه رفضـــت بالمــــثل، وأفادوا بأنه لا توجد سوى مقــــبرتين في محافظة جــدة تقبلان دفن مرضى «كــــورونا» وهي مقـــيرة القرنية في الخمرة ومقـــبرة بريمان الشعبي. وزاد: «توجهنا بجثة أخينا إلى مقبرة القرنية وودعناه إلى مثواه الأخير بعد عناء طويل من الحزن على فراق شقيقنا، وحزن على رفض المغاسل والمقابر له». فايروس كوروناوفيات كورونا