أطلقت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» مسابقة توعوية ثانية، الأولى كانت العام المالي السابق، في سلسلة «جهودها لنشر الوعي بين أفراد المجتمع بمفهوم الفساد وأخطاره، حماية للنزاهة وتعزيزا لمبدأ الشفافية ولتحصين المجتمع السعودي ضد الفساد بالقيم الدينية والأخلاقية والتربوية، ولتوعية المواطن والمقيم نحو التحلي بالسلوك واحترام النصوص الشرعية والنظامية». ما سبق كان اختصارا للديباجة التي كتبتها الهيئة في تقديم مسابقتها، وهي تشبه كل ما تقدم به محاضراتها العلمية وندوات أبحاثها الأكاديمية قديما ورسائل جوالها التوعوية حديثا، مقدمة تشعرك وكأن المجتمع أضحى هو المتهم وأن مهمة الهيئة صارت تخليصه من الفساد وتحصينه ضده، برغم أن المجتمع لا يدخل ضمن اختصاصات الهيئة التي حددها نظامها الداخلي والمحددة بالدوائر الحكومية والمؤسسات العامة، بالتأكيد للمجتمع دور في مكافحة الفساد، ولكن ليس لدرجة تحميله وزره. مقدمة أقل ما يقال عنها أنها رسالة بعثت للعنوان الخطأ، وحتى لو قبلنا أنها مقدمة من هيئة لمكافحة الفساد، وليس من هيئة دينية لنشر الفضيلة، فإنها مقدمة تستلزم الكثير من العمل بعدها، وكما أن المقدمات لا تغني عن متن الكتاب، كذلك الفساد لا يكافح بمسابقات وحملات توعية وحسب. طالما تعجبت ما الذي يجبر نزاهة على سلوك طريق الوعظ والإرشاد في مكافحة الفساد، هل قلة في العمل المناط بها والمسؤوليات التي عليها، هل لديها وفرة مالية تريد تصريفها قبل نهاية السنة المالية؟ طريقها واضح ومسؤولياتها جسام وكثيرون يشتكون من بطء حركتها في إنجاز مهامها الرئيسة، فلم تشغل نفسها بمهام ليست لها؟ هي تشكو مر الشكوى من تدني قوتها العاملة وقلة كوادرها، فلم تشغلهم بمهام ليست من اختصاصهم، بل لها جهات اختصاص أخرى تقوم على تنفيذها؟ أمنية أخيرة لي عند نزاهة، حبذا لو تشغل نفسها بمهمة واحدة إن أنجزتها ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه، لديها النظام القديم «من أين لك هذا» الصادر عام 1382 هجرية، لم لا تدفع الهيئة نحو تفعيله، سواء من خلال مجلس الشورى أو مجلس الوزراء، أو أن تستغل علاقتها المباشرة بولي الأمر لاقتراحه وتبنيه، هذا التنظيم مع بعض التطوير سيقطع رأس أفعى الفساد ولن يكتفي بجرح ذنبها.