كانوا قديما يجلّون ويقدرون أصحاب الحرف اليدوية، ويحترمون أصحابها وكان لهم مكانة قيمة في المجتمع، وأحياناً يكتسب هؤلاء الحرفيون أسماءهم نسبة للحرف التي يزاولونها ويتسمون باسمها ويفخرون بذلك: كبيت النّجار، والسّمان، والفرّان، والحلواني، والفوال، والسمكري، والحداد، والصائغ، والجوهرجي، وغيرهم من أصحاب الحرف اليدوية، وكان كل منهم يعتز ويفتخر بحرفته وجودته لها، وكان الناس لا يزوجون بناتهم إلا من أصحاب الحرف اليدوية، لأنه صاحب صنعة ويأكل من كسب يده، ولقلة الوظائف الحكومية آنذاك. وقد تغير الحال بعد ظهور البترول في أواخر الثلاثينيات الميلادية وبداية الأربعينيات، وبدأت الدولة تركز اهتمامها بالعلم والتعليم وفتح المدارس ثم تلتها الجامعات، ولكن الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - مؤسس هذا الكيان الكبير قد فطن ومنذ وقت مبكر لأهمية التعليم المهني فبدأ بالمعهد الصناعي الثانوي بجدة الذي تأسس في عام 1369هـ كأول مدرسة صناعية في البلاد، وقد استشرف جلالة الملك المؤسس – رحمه الله - أهمية التعليم المهني والتدريب واستشرف المستقبل في إعداد كوادر وطنية مهنية متخصصة يمكن أن تخدم هذه البلاد في سنواتها التنموية الشاملة التي تعيشها الآن، فكانت نظرته ثاقبة وبعيدة المدى من رجل استشرف أهمية العلم والتأهيل لشباب هذا الوطن، حتى يكون هذا المعهد نواة لمدرسة مهنية متخصصة في مجالات متعددة يستفيد منها مواطنو هذه البلاد وسكّانها في مستقبل الأيام. المعهد الصناعي الثانوي بجدة يضم بين جنباته اليوم أكثر من 1300 طالب متدرب، ويعمل على تشغيله أكثر من 250 مدرباً وإداريا ويخضع إدارياً للمؤسسة العامة للتدريب التقني. المعهد حاضر بإنجازاته ومخرجاته التعليمية على مدى أكثر من 60 عاما وقد اعتراه بعض الفتور لفترة من الزمن نظراً لكثرة الجهات المنافسة له، والتي استقطبت الكثير من الطلاب مثل الكليات التقنية والمدارس المهنية المنافسة له، ولكن رغم وجود تلك المؤسسات التقنية لازال المعهد مستمراً في عطائه الدائم بل امتد نشاطه إلى خارج حدود أسواره ليضطلع بمسؤولياته المجتمعية نحو مجتمعه المحيط ويقدم خدماته من التدريب والتأهيل ليشمل معهد سجون جدة، وبرامج التدريب المشترك مع القطاع الخاص. ومن أهم أهداف المعهد: الاهتمام بالمتدرب وصقل مهاراته الشخصية ؛ زيادة طاقة المعهد الاستيعابية حتى يحقق احتياجات سوق العمل من الكوادر السعودية المؤهلة ؛ نشر الوعي بين فئات المجتمع بأهمية العمل في المجالات المهنية والتقنية ؛ تهيئة البيئة المناسبة للتدريب؛ استقطاب أمهر المدربين من مختلف دول العالم؛ وتطوير التدريب الإنتاجي بما يخدم المتدربين وتجهيزهم لسوق العمل. وهناك أهداف أخرى يسعى المعهد لتطويرها حتى يكون له نوع من التميز وتكون مخرجاته مؤهلة من أجل أن تقترن النظرية بالتطبيق ولمواجهة التحديات بسوق العمل. وحتى نضمن عطاءات المعهد وجودة مخرجاته واستقطابه المزيد من الشباب للانخراط في وحداته التدريبية المختلفة، وحتى يكون الإقبال عليه بشكل أفضل، بحيث يكون لديه عنصر جذب منافس للكليات والمؤسسات الخدمية المنافسة، يجب أن يحظى هذا القطاع ببعض المميزات التي تقدم لطلابه المتقدمين للانخراط فيه ومن أمثلتها: أن ترفع مخصصات طلاب المعهد الشهرية فبدلا من 800 ريال تعدل لتصبح 1500 ريال شهرياً؛ أن يكون هناك بعثات خارجية للمتميزين من الطلاب بحيث يوجهون لجهات تدريبية مرموقة في دول رائدة مثل: اليابان، والفلبين، وكوريا، فتكون فرق متخصصة كمدربين وطنيين في مجالات التقنية المختلفة بعد اكتساب الخبرة العالمية وحتى تكون مخرجات المعهد مميزة؛ أن يعطى الخريجون في المعهد الأولوية في منح القروض الشخصية للمشاريع الصغيرة يبدأ بها الخريج حياته العملية وتكون أقساطها مريحة وميسرة؛ ولا يغيب عن أذهاننا الدعم المعنوي من قبل المسؤولين في المؤسسة العامة للتعليم التقني بالقيام بحملات إعلامية لنشر ثقافة العمل المهني وأهميته في خدمة المجتمع. غياب المعهد يتمثل في عدم معرفة السواد الأعظم من الناس عن أهم أهدافه وإنجازاته، وعما يقدمه من خدمات تعليمية وتدريبية رائدة، وبما يقدمه من مخرجات تصب في خدمة هذا المجتمع وتسهم بشكل فاعل في استدامة التنمية الشاملة التي تعيشها بلادنا. نحن نحتاج إلى ثقة في قدرات شبابنا وتشجيعهم عليها وإعطائهم الفرصة لإثبات وجودهم وقدراتهم المميزة. في ظل حكومة راشدة تقدم الكثير من أجل مستقبلٍ أفضل بإذن الله. mdoaan@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (37) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain