العديد من أصحاب المهن والأعمال والوظائف، لا تفتح معهم سيرة مهنهم أو أعمالهم أو وظائفهم حتى يسمعوا من فتح السيرة معزوفة مملة من التباكي وعدم الرضى عن أوضاعهم في جهات نشاطهم وعملهم، وأنهم يقومون بها لوجه الله لا يريدون من ورائها جزاء ولا شكورا، فإن كان المتحدثون عن التضحيات من أصحاب المهن زعموا أنها لا تجلب لهم إلا الخسارة بعد الخسارة، وأنها لا تكفي لتغطية حقوق العاملين في المصنع ناهيك عن المواد الخام، وأنهم متمسكون بها من أجل إحياء تراث آبائهم وأجدادهم في الصنعة وخدمة للوطن الغالي لا أكثر ولا أقل، فإن قيل لهم ولماذا لا تدعونها لغيركم بدل تحمل هذه الخسائر الباهظة رأيتهم يصدون عن مثل هذا السؤال صدودا إن لم يتهموا قائله بالحسد، وكيف يحسد خسران، أم أن ادعاءهم للخسارة هدفه إبعاد العين عنهم. وإذا جاء الحديث عن مهنة من المهن التي يكلف أصحابها بخدمات معينة تقدم لزوار أو ضيوف، فإن الحديث عن التعب والخسارة أو عن عدم وجود مكاسب تناسب ما هو مبذول من مجهود حديث لا ينقطع، مع ادعاء بأن تقديم تلك الخدمة يأتي من باب الشرف المراد المحافظة عليه، أما إن حاول أحد الاقتراب من حمى تلك المهنة وفتحها للقادرين من غير أبنائها فإن الصياح والنواح يبدأ في التعالي، مع أن الأمر الطبيعي في هذه المسألة هو أن يرحب المثقلون بأعباء المهنة بمن يحمل بعض تبعاتها عنهم ليشاركهم في الأجر وشرف الخدمة، ولكن لأن الأمر مجرد ادعاء، فإن أي دعوة للمشاركة في التعب المزعوم تستقبل بجفاء منقطع النظير. وفي مجال الوظائف العامة، فإن المعلم يشكو من مهنة التعليم، والمهندس يشكو من مشاق مهنته، والموظف الإداري لا ينفك عن ترداد ما يتحمله في عمله من عنت وإرهاق، والموظف المالي والفني كذلك، وكلهم ينطبق عليهم قول الشاعر: كل من قابلت يشكو دهره!. وهؤلاء جميعا لم يربطهم أحد في مكاتبهم أو مواقع عملهم بسلاسل فولاذية عليها أقفال حديدية، بل إن أبواب الخروج في إداراتهم ومواقع عملهم تسع جملا فحلا، ولذلك فإن بإمكانهم ترك تلك الأعمال الشاقة المخسرة لغيرهم إن كانوا صادقين في ادعاءاتهم.. أقول إن كانوا صادقين، أما أنا فبالأصالة عن نفسي لن أغادر موقعي القهري إلا إذا توقف الراتب الشهري؟!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة