كشف لـ "الاقتصادية" مسؤول في الجانب السعودي من مجلس الأعمال السعودي المصري، أن عشرة من المشاريع السعودية التي تعثرت في مصر من أصل 30 مشروعا سعوديا رأسمالها يبلغ 1.3 مليار دولار بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، وصلت إلى حلول أسهمت في عودتها إلى العمل مجددا. وأبان المسؤول أن الـ 20 مشروعا المتعثرة في الوقت الحالي ما زالت تحت المتابعة، وقال: "تعاملنا في المجلس على أساس معالجة قضايا الاستثمارات السعودية في مصر مع الحكومة المصرية والسعودية ولم نتعامل بشكل فردي أو حل مشكلة شركة سعودية وترك الشركات الأخرى، بل إننا عرضنا كل المشاريع السعودية المتعثرة قانونيا أو ماليا كمشروع واحد". وأضاف الدكتور عبد الله بن محفوظ، رئيس الجانب السعودي في مجلس الأعمال السعودي المصري: "للأسف المشكلة التي واجهها المجلس في مصر هي تعامله مع الإدارة الوسطى بالجهات الحكومية المصرية، فكان المجلس يتلقى وعدا من الوزير ويتعهد بحل المشكلة، لكن بمجرد أن ينتقل الأمر للإدارة الوسطى المصرية تخبرنا بقوانين واتجاهات مختلفة تعود لسنوات مضت، مما كان يعيق حل تعثر تلك المشاريع بالسرعة الممكنة". وأشار إلى أن من الأسباب أيضا التي جعلتهم يتأخرون في حل بقية القضايا المتعثرة، هو ذلك المناخ السياسي المتقلب شديد الصعوبة الذي واجه عمل الجانب السعودي لمجلس الأعمال السعودي المصري منذ بداية دورته الحالية، مفيدا أنه بمطلع شهر حزيران (يونيو) المقبل سيكون الجانب السعودي الحالي قد تعامل مع ثلاثة رؤساء لمصر وثلاث حكومات وتشكيل وزاري، وقد تم إعادة تشكيل الجانب المصري بمجلس الأعمال مرتين، وذلك كله خلال 12 شهرا فقط. وأبان أن هناك تنسيقا خليجيا مشتركا مع مجلس الأعمال الإماراتي المصري ومع مجلس الأعمال السعودي القطري للوصول إلى سياسة مشتركة معهم لحل مشكلات الشركات الخليجية كافة التي واجهت مشكلات قانونية ومشكلات تعثر مالي في مصر، وذلك بهدف تشكيل رؤية موحدة. وأكد بن محفوظ أن المجلس من خلال لجانه الفرعية، أعد تقريرا مكونا من 180 ورقة، تبين أن المجلس خلال سنته الأولى من الدورة الحالية التي بدأت في أواخر شهر نيسان (أبريل) من العام الماضي، تمكن من إنجاز ما وصفه بأصعب مهمة، والمتمثلة في حصر الاستثمارات السعودية المتعثرة في مصر والتي تمت بالتعاون مع مستشارين متخصصين لحصر المستثمرين السعوديين في مصر والتواصل مع الشركات السعودية المستثمرة في مصر. ووفقا للتقرير -الذي حصلت "الاقتصادية" على نسخة منه- فقد ساهم مكتب التمثيل التجاري للجانب السعودي في حل مشكلة شركة صافولا مع وزارة الري، وكان هنالك استثمارات بقيمة 1.6 مليار جنيه كانت متوقفة في مصر لولا حل هذه المشكلة من قبل الحكومة المصرية. وساهم المجلس في حل المشكلة التي واجهتها أكبر تجمع شركات عقارية سعودية في مصر، بإلغاء ملكية الأرض، علما بأن الشركة استثمرت أكثر من ثلاثة مليارات جنيه مصري، وحسب خططها فإنها ستستثمر خمسة مليارات جنيه إضافية خلال السنتين المقبلتين، وستوفر أكثر من عشرة آلاف فرصة عمل للمصريين. وقام الجانب السعودي في المجلس بكل الجهود الممكنة لحل مشكلة المستثمر السعودي عبد الإله كعكي في نزع ملكية أصوله من دون حكم قضائي، حيث إن الشركات التي تم شراؤها من برنامج التخصيص من الحكومة المصرية صدر الحكم القضائي من محكمة أمن الدولة دائرة الاستثمار بتاريخ 21-9-2011 والذي قضى ببطلان قرار اللجنة بالبيع، ما أدى إلى تكبد الشركة خسائر تشغيلية، وأهلك جميع أصول الشركة المتداولة. وقام رئيس الجانب السعودي ومكتب التمثيل التجاري التابع لمجلس الغرف السعودية ومن خلال تواصلهم مع وزراء "الاستثمار" و"الصناعة والتجارة" و"السياحة المصرية، من وضع مشروع نوباسيد ومصنع الألمنيوم لفايز زقزوق، على طاولة اللجنة القضائية في وزارة الدفاع وهو في المراحل النهائية لإنهاء وحل كل القضايا التي تخص المستثمرين السعوديين، خاصة مشروع طنطا للكتان، والمشروع السكني للدكتور ناصر الثقيل في الإسكندرية، ومشاريع مجموعة العناني في دمياط والعين السخنة. ويرى التقرير أن مشكلة شركة جولدن كوست للفنادق والقرى السياحية والمشروعات الترفيهية التابعة لمجموعة الشربتلي والتي تعرضت إلى شكاوى كيدية من أفراد غير ذي صفة رفعت قبل شهر على الحكومة المصرية بسبب تخصيص 7.5 مليون متر، بعد أن أنهت الشركة السعودية تنفيذ 85 في المائة من المشروع، انعكست بصورة سلبية على المستثمر في المرحلة الثانية من التقاضي، مثل ما حصل في شركة عمر أفندي للمستثمر السعودي جميل القنيبط والمستثمر السعودي عبد الإله كعكي في شركة نوباسيد وشركة طنطا للكتان. ولفت التقرير إلى أن الجانب السعودي في المجلس تمكن من رفع الحظر المفروض على شركات سعودية في البورصة المصرية، بعد أن برأت محكمة جنايات القاهرة ساحتهم من تهمة التلاعب بالبورصة المصرية التي وجهها لهم النائب العام والتي كانت غير مكتملة الأدلة القانونية ضدهم، موضحاً أن الاستثمارات السعودية المباشرة في السوق المالية المصرية تصل إلى مبلغ 14 مليار دولار. وحول تشجيع الاستثمارات السعودية الجديدة في مصر والاستفادة من الفرص الاستثمارية التنموية بها، أشار التقرير إلى أن الجانب السعودي في المجلس خلال دورته الحالية قام بتنفيذ أربعة مهام، وهي: التوسع في التوعية القانونية للمستثمرين، خاصة القوانين المصرية الجديدة التي تحفظ حقوق المستثمرين والتي كان آخرها القانون الصادر من رئيس الدولة المستشار عدلي منصور. ودعم المستثمرين السعوديين الراغبين في الاستثمار في مصر عن طريق توفير المعلومات اللازمة. وأيضا عرض الفرص الاستثمارية العديدة في مصر. كما تضمن ذلك إرسال الجانب السعودي في المجلس تقريرا إلى رئيس الوزراء المصري لاطلاعه على قرار تفويض مجلس الأعمال السعودي إلى سلطان الدويش عضو مجلس الأعمال بإنهاء التعاقد مع وزارة الزراعة المصرية لتأمين أراض زراعية بحدود 100 ألف فدان للمستثمرين السعوديين للاستثمار في توفير الأمن الغذائي للبلدين، خاصة في محافظات جنوب مصر. ورصد ملياري جنيه مصري لتلك الاستثمارات التي سيتم الاستفادة فيها من دعم صندوق الملك عبد الله للأمن الغذائي في تمويل جزء من تلك المشاريع، خاصة التركيز في توفير احتياجات السعودية من الأعلاف الحيوانية مثل الشعير والبرسيم والذي يعتبر أحد أسس الأمن الغذائي للسعودية مثله مثل مادة الأرز والقمح والذرة. كما اقترح المجلس إيجاد بدائل استراتيجية مستقبلية مستدامة للسعودية لتوفير الأعلاف الحيوانية من الدول العربية الشقيقة مثل مصر وخاصة في صعيد مصر الذي يملك أراضي زراعية خصبة لزراعة الأعلاف الحيوانية. كما أن هناك مبادرة تحت الدراسة من قبل الجانب السعودي في مجلس الأعمال قام بعرضها أمام رئيس الوزراء المصري وكذلك أمام وزير الاستثمار والخاصة بإنشاء شركة "فرص" المصرية التي تعد فرعا من فروع شركة "فرص" السعودية التي تأسست من غرفة جدة برئاسة صالح التركي، برأسمال مائة مليون ريال، وسيكون الهدف من تأسيسها هو دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة السعودية والمصرية المشتركة وأيضا دعم مشاريع حاضنات الأعمال السعودية المصرية المشتركة. وأما بخصوص زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين عن طريق تشجيع الصادرات وإزالة معوقات التجارة البينية بين كلا البلدين، قال التقرير: "عند بداية الدورة الحالية للمجلس لاحظنا أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يصل إلى مبلغ 3.2 مليار دولار، وهي قيمة لا تليق بقيمة العلاقات العميقة بين أكبر دولتين عربيتين – حسب وصفه – وذلك على الرغم من أن الميزان التجاري يميل إلى السعودية"، وهو ما جعل المجلس يسعى لزيادة حجم الصادرات السعودية إلى مصر عن طريق التواصل مع صندوق تنمية الصادرات السعودية لدعم الصادرات السعودية إلى مصر، حيث تم إبلاغ رجال الأعمال السعوديين والمصريين بسياسة الصندوق وفرص الحصول على الدعم المالي المطلوب لزيادة حجم الصادرات السعودية إلى مصر، وقد استفادت عدد من الشركات السعودية والمصرية من هذا البرنامج بزيادة التصدير من السعودية إلى مصر. كما قام المجلس بالتواصل مع إدارة الجمارك في كلا الدولتين بهدف تخفيف القيود والمعوقات الجمركية والبيروقراطية بما يسهل من تدفقات التجارة بين البلدين. وسعى المجلس إلى تنظيم عدد من المعارض التجارية المشتركة في كلا من السعودية ومصر لتشجيع تسويق المنتجات السعودية والمصرية. ويتابع مجلس الأعمال السعودي في الوقت الحالي مبادرة لإقامة منطقة تجارة حرة بين مصر والسعودية، خاصة بعد انتهاء تنفيذ الجسر البري الذي يربط بين البلدين فوق البحر الأحمر. وبالعودة لابن محفوظ، قال: "تميز مجلس الأعمال السعودي عن المجالس الأخرى في التواصل المستمر مع وزارة العدل المصرية لطرح المشكلات القانونية التي واجهها المستثمرون السعوديون في مصر وإيجاد مبادرات لحلها". وتابع: "كانت من أهم نتائج هذا التواصل، صدور قرار جمهوري من فخامة رئيس الجمهورية يقصر الحق فيه على إقامة دعاوى البطلان الخاصة بعقود التخصيص المبرمة بين الحكومة المصرية أو إحدى وزاراتها مع المستثمرين على طرفي العقد فقط، ما يؤكد لنا أن الحكومة المصرية عازمة على الحفاظ على الاستثمارات السعودية والخليجية القائمة، وتسعى إلى تهيئة المناخ الاستثماري المناسب لجذب المزيد من الاستثمارات السعودية الجديدة، والذي لن يتأتى إلا بتحقيق الأمن وطمأنة المستثمرين على حقوقهم في أصول تلك الشركات". وأشار إلى أن المجلس قام أيضا بالتوضيح للحكومة المصرية عن تفاصيل اتفاقية الرياض الموقعة بين حكومة كلا الطرفين، لعدم المساس باستثمارات الغير، خاصة أن الاستثمارات السعودية المصرية التي تعرضت لمشكلات قانونية كانت موقعة مع الحكومة المصرية مباشرة، وكان من المفترض من الحكومة المصرية التزامها بتلك الاتفاقيات المبرمة مع رجال الأعمال السعوديين، حسب بنود اتفاقية الرياض. ولفت إلى أن الجانب السعودي طرح في المجلس على الحكومة المصرية السابقة اللجوء إلى التحكيم الدولي في حالة عدم حل مشكلات المستثمرين السعوديين. وأضاف: "كانت هناك مشكلة في عدم إمكانية لجوء المستثمرين السعوديين في مصر إلى التحكيم الدولي، لأنه لا يوجد توقيع متبادل بين البلدين ينص على ذلك، وقد عرضنا على وزير التجارة والصناعة السعودي طرح توقيع اتفاقية مشتركة ما بين السعودية ومصر للجوء إلى التحكيم الدولي لسرعة حل مشكلات المستثمرين السعوديين ولضمان استثماراتهم المستقبلية، وما زال المجلس يتابع تنفيذ هذه المبادرة".