×
محافظة المنطقة الشرقية

32 مشرفا يستعرضون آليات تطوير التدريب بالسجون

صورة الخبر

كان أبو العلاء المعري شاعراً وحكيماً وتنويرياً وعزوفاً عن الدنيا وملذاتها، فهو كشاعر نستطيع بدون مبالغة أن نقول إنه أعظم الشعراء العرب ويكفي للتدليل على ذلك أنه أقدرهم على تملك ناصية القوافي، وكحكيم فإنه لم يترك جانباً من جوانب الحياة إلاّ وتوقف عنده وألقى الضوء عليه ساخراً أحياناً ومندداً أحياناً أخرى كاشفاً لعبثية الحياة وتفاهتها، ولهذا كما قلت عزف عنها وعن ملذاتها، ولم يحيها كما يحياها الناس المغترون بها فلم يجد لذة في الطعام ولم يأكل اللحم، ولم يعاقر النساء، وهو القائل: هذا جناه أبي عليّ *** وما جنيت على أحد كما لم يأنس بمعاشرة الناس إذ يقول: وماذا يبتغي الجلساء منّي *** أرادوا منطقي وأردت صمتي ولم يشرب الخمر فقد هاجم شاربيها في أبيات كثيرة وفي كتابه رسالة الغفران، ولهذا كله لم يتطلع لجمع المال: تلوا باطلا وجلوا صارما وقالوا صدقنا فقلنا نعم وتوقف حائراً ، فهو مثلاً في هذا البيت: يحطمنا ريب الزمان كأننا زجاج ولكن لا يعاد له سبك ولكنه يعود قائلاً في هذين البيتين: زعم المنجم والطبيب كلاهما لا تبعث الأرواح قلت إليكما إن صحّ قولكما فليس بضائري أو صحّ قولي فالخسار عليكما ثمّ إنه يؤكد في كتابه: رسالة الغفران إيمانه بالبعث، ومجرد الحديث عن الجنة والنار يشي بذلك، كما أنه هاجم فيه الملحد المشهور في تاريخ العرب: ابن الرواندي، وتردده هذا أثبت أنّ عقل الإنسان أعجز من يفهم الكون ويستجلي أسراره، ولعله من حيث أراد أو لم يرد أثبت أيضاً بأنّ في الإيمان روحاً للنفس وراحة لها، ثمّ ماذا؟ لقد أقدم الرعاع في هذه الأيام على هدم قبره، فيا أمة ضحكت من جهلها الأمم.