أن يسكب مصنع مخلفاته الكيميائية والبترولية في «الخليج العربي»، وتحديدا في شاطئ مدينة سيهات، فيحول لون مياه الشاطئ إلى اللون الوردي، هذه جريمة تدخل ضمن «تهديد الأمن الوطني»، إذ أن محاولة تدمير الثروة السمكية «الغذاء» هو جريمة في حق سكان سيهات والمنطقة الشرقية والمنطقة الوسطى التي جل غذائها البحري يأتي من الشرقية. هذه الكارثة البيئية والجريمة في حق سكان المنطقة الشرقية والوسطى تدفعك للظن أن كل الجهات ستتحرك لإزالة المخلفات من البحر للحفاظ على الثروة السمكية، وستلقي القبض على من فعل هذا وتغلق المصنع أو المؤسسة التي رمت مخلفاتها في البحر، من منظور أن محاولة تدمير غذاء المواطنين يهدد أمنه. هذا الظن الأولي لك، والذي يقترب لليقين، سيخبرك نائب رئيس جمعية الصيادين في المنطقة الشرقية «جعفر الصفواني» أنه يدخل ضمن «إن بعض الظن أثم»، إذ يؤكد أنها ليست المرة الأولى، بل الثانية، وأن هذه المرة سكبت المخلفات بكميات كبيرة جدا أكثر من الأولى، ربما لأن المصنع اختبر ردة الفعل الأولى، فقرر أن يزيد حجم المخلفات طالما لم تغضب أي جهة. ففي المرة الأولى، جاء رد الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أن المخلفات التي سببت بقعة وردية في «الخليج العربي» هي مادة بترولية وتحتوي على ديزل بنسبة 50%. في المرة الثانية، جاء الرد من أمين المنطقة الشرقية المهندس «فهد الجبير»، إذ علق على هامش مؤتمره الصحفي لانطلاق الملتقى الوطني التاسع لنظم المعلومات الجغرافية بالمملكة، قائلا: «لا نقدر إخلاء أنفسنا من المسؤولية ويجب تحملها، وهذا الأمر يهم الجميع، والقطاع البلدي يتحمل أي فراغ تتركه الجهات المعنية الأخرى». وطالما هذه ردود فعل «السلطة التنفيذية» على هذه الجريمة، يخيل لي أن أفضل حل هو أن ترسل جمعية الصيادين في المنطقة الشرقية وفدا من أعضائها مع ممثل لسكان الشرقية وآخر لسكان الوسطى؛ للتفاوض مع المصنع أو الجهة المجهولة التي لا يراد ذكر اسمها، حتى لا تكرر الأمر للمرة الثالثة، وخصوصا أنها كل مرة تزيد حجم مخلفاتها. وأعتقد أن سكان الشرقية والوسطى لن يرفضوا طلب الجهة المجهولة التي ترمي مخلفاتها «بالخليج العربي»، وسيدفعون تكلفة تصريف المخلفات دون الأضرار بالبيئة؛ لأن الأمر مرتبط بأمنهم الغذائي. عكاظ