بعد طوفان الرواية المحلية وجدت القصة القصيرة نفسها منزوية عن الحراك النقدي والدرس الأدبي، فبعد وهجها في نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات الميلادية الذي من خلاله شكلت حضوراً طاغياً على يد جمهرة من كتابها ورواجها عبر الملاحق الثقافية في تلك الفترة، واليوم تخرج الباحثة أسماء بنت مقبل الأحمدي بكتاب جديد حمل عنوان "ظاهرة الرحيل في القصة القصيرة السعودية" الصادر حديثاً عن نادي الجوف الأدبي الثقافي بالاشتراك مع دار الانتشار العربي، لتكشف عن عناصر الإبداع وتجلي وتبرز مواقع التميز التي لامستها في هذا الكتاب وتعيد للقص بريقه الذي فقده في السنوات الماضية، تذكر الباحثة الأحمدي في مقدمتها للكتاب: شكل الرحيل ظاهرة بارزة في القصة القصيرة السعودية الحديثة منذ نشأتها، إذ عالجت موضوع الرحيل بأدواتها التقليدية، وقد تطور الرحيل في القصة القصيرة السعودية بتطوير هذه الأدوات، فكلما استجاب بناؤها الفني والمضموني لعوامل التغير والتجديد تبعته ظاهرة الرحيل وبرزت فيها هي الأخرى بملامح فنية مستحدثة تواكب التغيرات الفنية والعقدية التي تستوعب القصة القصيرة في المملكة. الكتاب انطوى على أربعة فصول عالجت ظاهرة الرحيل من حيث التشكلات اللغوية كالتكثيفية والرمزية والإيحائية، كذلك ظاهرة الرحيل وتشكيل الشخصية وكتبت من خلاله مباحث أربعة هي السرد والحوار وتيار الوعي والوصف، بينما جاءت ظاهرة الحوار وتشكيل الحدث لتدرس الحديث الواقعي والحدث الرمزي والحدث الحلمي واختتمت الكتاب بفصل عن ظاهرة الرحيل تشكيل الزمان والمكان، أما الخاتمة فقد وصلت المؤلفة أن ظاهرة الرحيل خرجت من طور الوعي إلى طور الفعل كلما تطرق القاص لمشاهدة الماضي عبر تقنية الاسترجاع، كذلك يمثل فعل الرحيل المنبثق من شخصيات مختلفة لها رغباتها وأهواؤها للبحث عن الانعتاق من القلق النفسي والبحث عن الهوية وتحقيق مقدار من الرضا النفسي وشعور الشخصية بقيمتها ككيان له هدفه يحقق وجوده ويسمو بشخصيته. هذا وقد توقفت الباحثة الأحمدي عند كوكبة من القصاصين منهم عبدالله باخشوين ومحمود تراوري وفوزية الجار الله وحسين علي حسين وعبده خال وأميمة الخميس وعبدالله السالمي وخيرية السقاف ومحمد الشقحاء وشريفة الشملان وحسن الشيخ وعبدالعزيز الصقعبي ووفاء الطيب وسباعي عثمان ومريم الغامدي ونورة الغامدي وخليل الفزيع ويوسف المحيميد وخالد اليوسف وآخرون.