أثار في حفيظتي مقطع على موقع (يوتيوب) لمؤذن في أحد مساجد المدينة المنورة أثناء هطول الأمطار الأخيرة عليها، وذلك عندما قال في صلاة الفجر بعد حي على الفلاح قال: (صلوا في الرحال)، وكررها مرتين، وقد أثار ترديده ذاك سخط الكثيرين، وبدلا أن يشكروه تهجموا عليه واشتكوه وكأنه اقترف إثما. وهذا في ظني هو الجهل بعينه، لأن ذلك المؤذن اجتهد بإحيائه سنة (مهجورة). وأتمنى كما يتمنى غيري من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، أن تطبق مشكورة الحديث الشريف القائل: (صلوا في رحالكم) ــ أي منازلكم ــ أثناء أي خطب. وذلك إذا كانت هناك أمطار شديدة، أو برد قارس جدا، أو حر لافح جدا، أو غبار خانق جدا، وقد أخذ بهذا الحديث وطبق في أماكن ومراحل عدة من التاريخ، وهو يدل على رحمة الله الواسعة بعباده، والدين يسر وليس بعسر، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولو أن تلك السنة الحسنة طبقت، فلا شك أن (٢٠%) من المؤذنين سوف يجهرون بها عند كل نازلة. والخيار أو الاختلاف فقط هو: هل تقال تلك الجملة في آخر الأذان كما جاء في حديث (ابن عمر )، أو بعد (الحيعلتين). وإنني في عجب، كيف تعطل المدارس عند هطول الأمطار الشديدة، وكيف يصرف العمال عندما تصل درجة الحرارة إلى الخمسين، ولا يفطن القائمون على المساجد إلى هذه المسألة؟!، فأي خشوع من الممكن أن يسيطر على قلب مصل في وقت شديد الغبار مثلا، وهو يفكر بالخارج وكيف سوف يرجع إلى بيته وأهله بسلام؟!. وإليكم حادثتان، الأولى حصلت في الأردن وفي صلاة الفجر في يوم ملأت فيه الثلوج الطرقات، وخلع المصلون أحذيتهم كالعادة عند باب المسجد، فاستغل أحد اللصوص الأذكياء ذلك فأخذ جميع الأحذية ومضى في حال سبيله، وعندما انتهت الصلاة رجع الجميع يخوضون وسط وحول الثلوج وهم حفاة، ولو أن المؤذن نبههم إلى أن الصلاة في منازلهم أفضل لما تعرضوا إلى هذا الموقف المحرج والمحزن في نفس الوقت، وما ناب المساكين غير فقدهم لأحذيتهم، وفوقها تجمد أقدامهم. والحادثة الثانية، وهي تحسب لأحد الأئمة في جنوب المملكة، عندما قطع الإمام صلاته وهرب من المحراب وهو يصيح ويشير إلى ثعبان عبر من أمامه، مما أثار الهلع والذعر بين المصلين ــ خصوصا من الوافدين الذين لا يجيدون اللغة العربية ــ واعتقدوا أن إمامهم قد جن، مع أنه محق كل الحق عندما قطع صلاته وهرب، (ويمين بالله) لو أنني كنت في مكانه لما هربت فقط، ولكن من المؤكد أنني سوف اتشعلق فوق المنارة، بل ومن الممكن أن أؤذن. النوازل يا سادتي لا تقل خطورة عن الثعابين، فهل في كلامي هذا إثم يا رجال الدين ؟!.