×
محافظة المنطقة الشرقية

بيئة الاستثمار السعودية تجذب تجار الخدمات الصينيين

صورة الخبر

امتدت أمس يد الإجرام الى مدينة طرابلس في شمال لبنان في تفجيرين هما العمل الإرهابي الثاني بعد ثمانية أيام على التفجير الارهابي في حي الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت، وبواسطة سيارتين مفخختين استهدفتا مسجدين بفارق زمني لا يتجاوز دقيقتين وجاءت مجزرة المسجدين في طرابلس بعد 48 ساعة من مجزرة الغوطتين. وتزامن التفجيران الارهابيين في عاصمة الشمال مع وجود المئات من المصلين في المسجدين لأداء صلاة الجمعة، ما أدى الى سقوط أكثر من 45 قتيلاً وجرح مئات الأشخاص، وفقاً لمعلومات أولية صدرت عن الصليب الأحمر اللبناني الذي شارك في إسعاف المصابين ونقلهم الى المستشفيات للعلاج. وتحدثت معلومات أخرى عن العثور على جثث محترقة ومتفحمة وانفجرت السيارة الأولى أمام مسجد التقوى في حي الزاهرية، وبعد أقل من دقيقتين انفجرت الثانية في محلة الميناء في مقابل مسجد السلام، وأحدث انفجارهما دوياً هائلاً سُمع في عدد من المناطق المجاورة لطرابلس. وتطايرت أجزاء السيارتين من شدة عصْف الانفجارين في اتجاه المسجدين والشارعين اللذين يقعان فيهما، ما أدى الى اشتعال الحرائق التي امتد لهيبها الى الأبنية السكنية المحيطة بالمسجدين، والى داخلهما حيث كان مئات من المصلين يؤدون الصلاة، ما تسبب بارتفاع عدد القتلى والجرحى. وشوهد المصلون يتدافعون الى الخارج هرباً من النيران. جاء انفجار السيارتين المفخختين اللتين استهدفتا المسجدين اللذين تشرف عليهما «هيئة العلماء المسلمين» في الشمال، التي تضم عدداً من المشايخ المنتمين الى المجموعات السلفية أو القريبين منها، والمناوئة للنظام في سورية، وعلى رأسها الشيخان سالم الرافعي وبلال بارودي، مع بلوغ الاهتراء السياسي في لبنان ذروته في ظل استمرار تعذر التوافق على تشكيل الحكومة الجديدة، المتلازم مع تصاعد وتيرة الاحتقان السياسي والمذهبي على خلفية ارتفاع منسوب تبادل الحملات الإعلامية والسياسية بين فريق داعم للرئيس السوري بشار الأسد وآخر مؤيد للمعارضة في الحرب المشتعلة في سورية منذ سنتين وأربعة أشهر. كما انه جاء فيما لا تزال عاصمة الشمال تشهد حالاً من عدم الاستقرار الأمني والسياسي من جراء تجدد الاشتباكات من حين لآخر بين منطقتي باب التبانة ذات الغالبية الساحقة من السنّة وجبل محسن التي يقيم فيها السواد الأعظم من أبناء الطائفة العلوية. وتلازم انفجار السيارتين هذه المرة مع تزايد المخاوف من أن تمتد «العرقنة» الى لبنان في ظل الانقسام العمودي الحاد الذي أخذ يتسم بطابع مذهبي بسبب اشتداد الاختلاف بين السنّة والشيعة في الموقف من الحرب الدائرة في سورية من ناحية، وإطلاق التحذيرات على لسان عدد من الوزراء والنواب والقيادات الأمنية من مخاطر السيارات المفخخة واحتمال انتقالها من منطقة الى أخرى من ناحية ثانية، يضاف الى ذلك تصاعد موجة الإشاعات مع ضبط مجموعات ارهابية في أكثر من منطقة كانت تتحضر لتجهيز العبوات وتفجيرها في مناطق عدة. إلا ان حملات التضامن مع أهالي طرابلس والمنددة بالتفجيرين الإرهابيين والتي صدرت عن معظم القوى السياسية الرئيسة في لبنان، لم تخفف من حجم المصيبة التي حلت بعاصمة الشمال ولا من السؤال عن المجهول الذي يتربص باللبنانيين مع انكشاف بلدهم أمنياً وسياسياً وفقدانهم الأمل حتى إشعار آخر باقتراب الانفراج بتشكيل حكومة جديدة يمكن أن تؤمن شبكة الأمان التي تضع حداً لمسلسل التفجير الإرهابي المتنقل من مكان الى آخر والذي يمكن ان يدفع لبنان الى الهاوية، فيما الفراغ بات يهدد المؤسسات الدستورية. ولم تسجل ردود الفعل أي تبادل للاتهامات بين أطراف النزاع، باستثناء ما صدر عن نائب عكار خالد الضاهر في اتهامه «حزب الله» وتحميله أمينه العام السيد حسن نصرالله مسؤولية مباشرة حيال ما أصاب طرابلس. وبطبيعة الحال، انحصرت ردود الفعل بمطالبة الأجهزة العسكرية والأمنية والقضائية ببذل أقصى الجهود لكشف المجرمين والمحرضين ومحاكمتهم، وهذا ما شدد عليه رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي يُنتظر أن يقطع اجازته في الخارج للعودة سريعاً الى لبنان لمواكبة التدابير والإجراءات المتخذة لتفعيل الحماية الوقائية من التفجيرات الإرهابية. وكذلك سيفعل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة تمام سلام، اللذان قررا ايضاً أن يقطعا اجازتيهما ليكونا في الساعات المقبلة في لبنان. ودعا سليمان المواطنين «الى التنبه واليقظة والتكاتف الوطني لتفويت الفرصة على أعداء الداخل وأعداء السلام والاستقرار في لبنان»، فيما اعتبر رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان «اليد الآثمة التي امتدت الى الرويس وطرابلس واحدة، والجواب عليها ان نكون كلبنانيين يداً واحدة لرفع منسوب الحذر»، وهو توافق مع موقف مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار في قوله إن «اليد المجرمة هي يد واحدة». وإذ أكد ميقاتي أن الطرابلسيين «سيثبتون مرة جديدة أنهم أقوى من المؤامرة ولن يسمحوا للفتنة بأن تنال من عزيمتهم»، رأى رئيس الحكومة السابق زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري أن «غاية أعداء لبنان هي جعل الفتنة والخراب مادة لا تغيب عن يوميات اللبنانيين». وقال «هناك من يعمل منذ سنوات لإبقاء طرابلس في عين العاصفة واستهداف هذه المدينة الأبية بموجات متتالية من الفوضى والاقتتال والصراعات المسلحة، وهي ستؤكد بما لا يدع أي مجال للشك أنها ستنتصر على قوى الشر ولن تعطي أعداء لبنان أي فرصة لإشعال الفتنة، والإرهاب لن يخمد صوت «الله أكبر» الذي سيرتفع في كل يوم من مساجدها، ولن يقتل ارادة المدينة وخياراتها». وقال سلام بدوره إن «جريمة طرابلس دليل اضافي على أن الأوضاع في لبنان بلغت مرحلة شديدة الخطورة تتطلب استنفاراً وطنياً وأمنياً لقطع دابر الفتنة والتعامل مع الاستحقاقات السياسية بأعلى قدر من المسؤولية الوطنية»، بينما دعا رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط الى تشكيل حكومة «تحصن وتحمي الأجهزة الأمنية». وقال «هذا هو أفضل رد على تفجير طرابلس وليس هناك شيء متعذر إلا إذا استسلمنا الى اليأس». ودان «حزب الله» «الإرهاب الإجرامي»، وقال ان «هذين التفجيرين في طرابلس والرويس يأتيان كترجمة للمخطط الإجرامي الهادف الى جر اللبنانيين الى اقتتال داخلي تحت عناوين طائفية ومذهبية بما يخدم المشروع الإقليمي الدولي الخبيث الذي يريد تفتيت منطقتنا وإغراقها في بحور الدم والنار». إلا أن اللافت في المواقف التضامنية مع طرابلس والمنددة بالتفجيرين الإرهابيين، غياب الدعوات الى «الأمن الذاتي» والإصرار على مشروع الدولة باعتباره الحامي للجميع رغم أنه يشهد تراجعاً ملحوظاً، والتشديد على دور الأجهزة الأمنية في حفظ الأمن وتكثيف إجراءاتها الوقائية، لأن البديل منها الفوضى والفلتان. وفي هذا السياق، لوحظ عدم ظهور أي انتشار مسلح فور حصول الانفجارين، وأن وحدات الجيش المنتشرة في طرابلس اضطرت الى اطلاق النار في الهواء لتسهيل مهمة المسعفين في نقل المصابين من المسجدين من ناحية ولإجراء مسح أمني شامل للأحياء والشوارع المحيطة بهما من ناحية أخرى، خوفاً من ركن سيارات أخرى مفخخة يتم تفجيرها بالألوف الذين تجمعوا في المنطقتين المنكوبتين، ولا سيما أن مصادر أمنية أكدت لـ «الحياة» ان عملية التفجير لم تكن تستهدف أشخاصاً معينيين «وإنما أرادت الجهة المنفذة إيقاع أكبر عدد من الضحايا»، وهذا ما دلت عليه الحصيلة الأولى لعدد القتلى والمصابين. ودان مجلس الأمن الدولي «التفجيرين الإرهابيين في طرابلس» داعياً اللبنانيين الى «صون وحدتهم الوطنية في وجه محاولات زعزعة استقرار البلاد والتمسك بسياسة النأي بالنفس وعدم التورط في الأزمة السورية». ودعا في بيان اقترحته فرنسا وصدر بإجماع أعضائه أمس «كل الأطراف في لبنان الى احترام سياسة النأي بالنفس والامتناع عن أي تورط في الأزمة السورية عملاً بالتزاماتهم في إعلان بعبدا». وأكد المجلس على «الحاجة الى جلب المتورطين في التفجيرين الى العدالة» والتزامه مكافحة الإرهاب، وأن الأعمال الإرهابية غير مبررة بغض النظر عن مرتكبيها ودوافعهم وتشكل واحدة من أكثر التهديدات جدية للأمن والسلم الدوليين» . ودانت الولايات المتحدة التفجيرين وكتبت مستشارة الامن القومي الاميركي سوزان رايس على موقعها في «تويتر» ان واشنطن «تدين بشدة» الهجمات وقدمت تعازيها بفقدان «ارواح ابرياء». وقد اوقع تفجيران بسيارتين مفخختين الجمعة في طرابلس في شمال لبنان 42 قتيلا بحسب اخر حصيلة اوردها مصدر امني.