تزخرُ مجالسنا وصُحفنا وقنواتنا أحيانًا بمحاورين (بُلْه) إن جاز الوصف، واعتذر للقارئ عن استخدام هذه الكلمة لمن يفترض أنهم خصوم بتلك المقالة، ولكن لم أجد أفضل منها لوصف حالهم المُتَردي. ذلك أنهم يتقدمون الناس على المنبر الإعلامي، وهم غير مؤهلين لقيادة الرأي في هذه الوسيلة أو تلك. وفي الغالب غير مدركين حدود الحوار، ولا أهداف المحاور. تدفعهم رغبتهم في البحث عن السبق الصحفي وإحداث الضجة الإعلامية إلى ارتكاب ما لا يحمد عقباه ولا يطيب جُرحه، هذا إذا أحسنا الظن بهم. ومتى ما كان المحاور ضعيفًا فكرًا وعلمًا وغيرةً على الدين فإن الضيف سيستخدمه مَطية ليمرر من خلاله كل أفكاره، وأنا هنا لست ضد طرح الرأي، فهو -الرأي- حرية مكفولة للجميع، وحدوده عندي الدين والوطن؛ ولكن أتحدث عن فطنة المُحاور، وفطنة الوسيلة الإعلامية من ورائه، وفهمها لدوريهما داخل المجتمع، وما يجب عليهما قوله وتمريره والسماح به وما لا يصحُّ نشره وإعلانه وتبنّيه، وأن تكون الوسيلة ومن فيها غيرتهم على الدين والوطن أولَى وأعلى. وللوصول إلى هذه الغاية يجب أن ترتفع درجة الوعي في الوسيلة والقائمين عليها، وإدراك أبعاد ما يتم طرحه، حتى لا يجدوا أنفسهم معاول هدمٍ بدلاً من لبنات بناء. لقاءٌ صحفيٌ أجرته إحدى وسائلنا الإعلامية حديثًا مع إحدى الشخصيات الإعلامية الملوَّثة فكرًا والمشوشة هدفًا والقليلة أدبًا، قاد ضعف المحاور فيه إلى أن يكون مطيّة سهلة للضيف المتلوّن وأصبح يمرر من خلاله ما لم يستطع أن يقوله في وسيلة أخرى، تلك الوسيلة الإلكترونية فتحت منبرها الإعلامي الكبير لمن أراد بأهلها سوءًا، وأصبح من خلالها يضرب الوطن وثوابته من تحت الحزام ويدسّ السم بالعسل، ويراهن على مستقبله ويمتدح معارضيه وأعداءه، ولا أعلم لماذا ترضى هذه الوسيلة أن تقوم بالدور الذي عجزت عنه وسائل إعلام خارجية وأخرى معادية، إن لم يكن الجهل وقلة الحرفية والفهم الخاطئ السبب، فإن ما حدث إذن مقصود! وهذا ما لا نرغب في سماعه. الشللية وحب الخشوم هما أهم مرتكزات السيرة الذاتية عند التوظيف بنسبةٍ لا بأس بها من تلك الوسائل، ولا أعلم متى ترتقي وسائلنا الإعلامية إلى الحرفية المنشودة، وتكون صاحبة رسالة رائدة، تقوم بدورها في قيادة المجتمع نحو ما فيه صالح الوطن والمواطن. جملة أخيرة (نحن مؤتمنون على ما نقول أو نكتب ونحن في هذه الوسائل على ثغر لا يجب أن يؤتَى الدين أو الوطن من خلاله). خلف العبدلي رابط الخبر بصحيفة الوئام: المُحاور الأبله