قال علماء دين مصريون إن جهود خادم الحرمين الشريفين في مجال حوار الأديان نجحت في التقريب بين الحضارات المختلفة، وحل مختلف الخلافات. وأشاروا إلى أن مراكز الملك عبدالله نجحت في بناء جسور الثقة مع كافة المؤسسات السياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية والتعليمية، بل والاقتصادية الغربية، ونجحت في تغيير حالة الصراع بالتفاهم والبحث عن المصلحة المشتركة. وقال الدكتور محمد أبو ليلة عضو لجنة الحوار بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن مراكز الملك عبدالله في مجال حوار الأديان ساهمت في تحوّل الأمة من مجال رد الفعل إلى مجال الفعل، وبعد أن كنا نواجه إساءات بين الحين والحين لنبني عليها ردود أفعال فقط، ساهمت مراكز الحوار في إيجاد صيغة شمولية، تنطوي على عمل دائب منضبط بضوابط الإسلام وغاياته الحضارية، وفي مقدمتها «وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين»، ويرجع ذلك بفضل تلك المراكز التي تعاملت بهدوء في ملف حوار الأديان دون تشنج والمتابع لنشاط تلك المراكز سيدرك أنها تعمل بصورة فعالة على أرض الواقع لا المواقف فقط، وهكذا اكتسبت ثقة لدى المراكز المماثلة في الغرب، بل ولدى رجل الشارع وأصبحت تؤدّي مسؤولياتها الكبرى رغم الظروف المعقدة القائمة حاليًّا. فيما أكد الدكتور زغلول النجار المفكر المعروف أن مراكز الحوار الخاصة بالمملكة نجحت في إيجاد إستراتيجية جديدة للحوار مع الغرب ركّزت على ثلاثة محاور أساسية أولها التعريف بالإسلام وطرح الحلول الإسلامية لمشكلات المجتمع الغربي؛ لأنه رغم حياته المترفة يعيش خواء روحيًّا كبيرًا تفسخت بسببه الأسرة وضاعت معالمها، وعاشت المجتمعات والدول لغة المصلحة وكلها قضايا ينبغي مناقشتها وبيان حل إسلامي لها، وتوضيح أن الإسلام هو ذلك التشريع الإلهي الذي لا يشاركه غيره في مدى التلاقي مع المخالفين على عكس ما يشاع عنه في الغرب وعليه لو كان الحوار مع الغرب والذي يهدف لتبصيرهم بالإسلام يشتمل علي هذين المحورين، اعتقد أنه حقق التلاقي والتعايش السلمي بيننا وبينهم، ولعل جُل محاولاتنا السابقة لم تصل لهذا المعني، حيث ركز معظمها علي مخاطبة المسلمين الذين يعيشون في الغرب وهم الذين ذاب معظمهم في المجتمعات الغربية دون إدراك حقيقي إلى أن الغرب يفتقد وجود الصورة الحقيقية للإسلام. وأضاف: يجب أن نعرف أيضًا أننا لن نأمن جانب الإساءات تمامًا، فذلك أمر مستحيل، ولكن تحييدهم أمر من الممكن أن يحدث، وأمل يجب أن نسعى لإقراره، ويجب أن ندرك -ونحن نتعامل في هذا الإطار- أن المواطن والمسؤول الغربي يرون نماذج مختلفة من المسلمين في البيئة، وهذه مشكلة محورية تواجه الخطاب الديني مع الغرب، وتسبب عجزه عن التأثير فيهم، حيث يحتار بين فئات المسلمين المختلفة، أيّها صواب وأيّها خطأ. وقال: الخطاب الديني الموجّه يحتاج إلى نظرة شمولية، وهو ما يفتقر إليه القائمون عليه. فالإسلام إن لم يؤخذ بشموليته لن يصل، والساحة الدعوية في الغرب تغيب عنها وسطية الإسلام، وتفتقر إلى التمثيل الصحيح له، فإن لم نحسن اختيار دعاة الإسلام فيمن نوفدهم بعد خضوعهم للاختبارات الحقيقية، فلن يستطيعوا الوصول للعرض الجيد للإسلام ورحمته وتسامحه، ولن يقدروا على إيضاح جمال الإسلام وكماله. وإن حوار الأديان قضية يجب ألاّ نغفل عن تأثيرها، ولكن إذا ما قام به متخصصون يدركون أهمية الحوار. بناء جسور الثقة ويقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق إن مراكز الملك عبدالله نجحت في بناء جسور الثقة مع كافة المؤسسات السياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية والتعليمية، بل والاقتصادية الغربية، ونجحت في تغيير حالة الصراع بالتفاهم والبحث عن المصلحة المشتركة، وتكوين ما يشبه «لوبي إسلاميّ - غربي»؛ لمحاصرة ظواهر الصراع الحالية من جانب، ونزع جذور الكراهية من جانب آخر عن طريق تنقية المناهج الدراسية، وخاصة التاريخية من الأكاذيب والافتراءات ضد الآخر، ويتم هذا من خلال مراجعة مناهجنا أيضًا للتقليل من كل ما من شأنه إشعال الفتنة، واستمرار الصراع لدى الأجيال القادمة في تغيير العديد من المناهج الدراسية في الغرب. ويطالب واصل مراكز الحوار في العالم الإسلامي سواء في الشرق أو الغرب بأن يقتدوا بمراكز خادم الحرمين الشريفين، ويحاولوا تصحيح الصورة والرد على الإساءة بعقلانية عن طريق إظهار الحق وإفساد المخطط بنفس أدواته، فمثلاً إذا كانت هناك سلاسل متخصصة في ذلك، وخاصة في أدب الأطفال مثل «رحلة الإنسان الناقصة»، وكذلك سلسلة «حقيبة طبيب الغابة»، وغيرها ممّا يحاول أن يغرس الصورة المشوّهة عنا، وعن ديننا في أذهان أطفالهم، فلماذا لا تصدر سلاسل مماثلة تفنّد هذه الأكاذيب، وتوضّح الحقائق، وتوزّع بأسعار رمزية، أو حتى بالمجان؟! المزيد من الصور :