من زار الإسكندرية بعد حادثة كنيسة مارمرقس مباشرة الشهر الماضي عرف بالكاد كم كانت حزينة في هذه الآونة، الناس الطيبون الذين يستفتحون يومهم بالابتسامة مهما بلغت مشاكلهم عنان السماء غابت الابتسامة عن عيونهم، وحل مكانها هذه القهرة والشعور بالمرارة والخوف. الإسكندرية التي تميزت بفترة ليست بالبعيدة بلم شمل كل المصريين من كل ملة ولون؛ فتراهم دائماً على قلب رجل واحد في حب هذه العذراء التي يتنفس أهلها الحب والفن بطبيعة روحهم التي تعلقت بمدينة ساحلية ساحرة. وفي نهاية الشهر الذي تم فيه هذا الحادث الأليم، أُقيم مهرجان الإسكندرية للأفلام القصيرة، الذي كان فكرة مجموعة من المخرجين السكندريين. دُعم المهرجان من وزارة الثقافة ومع الجهود الذاتية أيضاً أحدث صدى كبيراً في دورته الثالثة هذا العام. ووزعت أماكن عرض الأفلام وورش المهرجان على عدة أماكن هامة بالإسكندرية كقصر ثقافة الأنفوشي -الذي تم تجديده مؤخراً- ومكتبة الإسكندرية، ومركز الإبداع، ومتحف الفنون الجميلة الذي كانت تقام فيه دورات المهرجان من قبل. وعلى جانب المهرجان أُقيمت ورش فنية للنقد السينمائي كان محاضرها الناقد الفني رامي عبد الرازق، وكذلك ورشة لتسويق الأفلام للمخرج سعد هنداوي وبهاء الجمل. ضمت الدورة الثالثة للمهرجان خمسةَ عشر فيلماً من عشر دول عربية مختلفة، ونُوقشت الأفلام بعد عرضها مع مخرجيها، وحضر المهرجان د. محمد العدل، وقد كان الرئيس الشرفي للمهرجان، والفنان أحمد حسونة والفنان الناقد د. مالك خوري، وحضر الافتتاح الفنان الممثل محمد خميس، ومدير التصوير الكبير رمسيس مرزوق الذي تم تكريمه بالمهرجان. حققت الدورة الثالثة لمهرجان الإسكندرية للأفلام القصيرة نجاحاً ملحوظاً هذا العام، فقد كان عدد الحضور، حتى إنه في أحد أيام المهرجان بمركز الإبداع كان العدد مكتملاً، وعلى الرغم من إمداد المسرح بعدد من الكراسي المنفردة للجمهور، فإن الازدحام كان شديداً حتى قرر البعض الحضور واقفين. الإسكندرية التي باتت حزينة بنفس الشهر قررت تحدي الحزن والإرهاب بمتابعة فعاليات مهرجان فني للأفلام القصيرة التي ظُلمت على مدار سنوات طويلة؛ فلا تأخذ حقها كالأفلام الروائية الطويلة من الجمهور. ومن هنا تأتي محاربة الإرهاب، بإثراء الفنون والاهتمام بها مقابل كل هذا الغل والقبح الذي نراه، ففعاليات المهرجان أثبتت أن الإرهاب لا يستطيع أبداً تغيير نفوسنا التي تحلق في سماء الفن، ولا كسر قلوبنا التي جعلت الحب والفن عنواناً لها، فلا حب ولا فن ينام أبداً بالإسكندرية. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.