×
محافظة المنطقة الشرقية

عباس واللقاء الملغوم

صورة الخبر

ترجمة – ثناء الالوسي – لندن في 24 مايو 1915 أصدرت بريطانيا وروسيا وفرنسا إعلانا مشتركا بشأن بطلتها في زمن الحرب، الإمبراطورية العثمانية، على هامش المذابح العديدة التي ارتكبت ضد المسيحيون الأرمن “بالتواطئ والمساعدات الكثيرة من قبل السلطات العثمانية”. ووعد الوفاق بأن يحمل شخصيا مسؤولية أي شخص متورطا في “جرائم تركيا ضد الإنسانية والحضارة” وبدلا من مراعاة التحذير، أصدرت الحكومة العثمانية في غضون أيام تشريعا يضفي الشرعية على عمليات الترحيل. وقد حدث الب بالفعل أن البعض ظهروا في اتجاهات مختلفة من الحدود الحساسة والاقاليم الساحلية والآن قد أخذوا أبعادا أكبر بكثير. وبحلول 7 تموز / يوليو 1915، استوعب السفير الألماني في اسطنبول أدرك ما كان يحصل بأستمرار. ووصف هانز فون وانغنهايم هدف الحكومة بأنه “القضاء على العرق الأرمني من الإمبراطورية التركية” سقطت المطرقة بقوة أولا على شرق الأناضول، والتي تعرف اليوم بشرق تركيا، حيث يعود تاريخ المستوطنات الأرمنية الى نحو 3000 سنة. كان هذا المركز الديموغرافي والثقافي للحياة الأرمنية، حيث شكلت التعددية مع الأكراد والعديد من الشعوب الأخرى. خلال التهجير في فصل الصيف امتدت بأتجاه الغرب في جميع أنحاء الأناضول وصولا إلى تراقيا، في أوروبا. وخلال عمليات الترحيل في نهاية آب / أغسطس، حيث أعلن المهندس المعماري طلعت، وزير الداخلية العثماني، بأن المسألة الأرمينية قد تم حلها. وكثير من الرجال الأرمن والأولاد الأكبر سنا بالكاد بدأوا مسيرات الترحيل من المقاطعات الشرقية. ونظر اليها على انها مصادر محتملة للمقاومة ولذا قتلوا الذين لم يجندوا بالفعل للخدمة في الجيش، الأمر الذي سيؤدي أيضا إلى قتلهم في النهاية. تم ترحيل النساء والأطفال والمسنين جنوبا إلى صحاري سوريا والعراق. في كثير من الأحيان طرق الترحيل المتعرجة كانوا عرضة لعمليات التخريب الجماعية والمتكررة – والاعتداء الجنسي والقتل المباشر وكذلك الموت بسبب التعرض للجوع والعطش – على أيدي رجال الجندرمه –الدرك- العثمانيين، والقوات شبه العسكرية والمجرمين المجندنين من قبل الدولة، وبعض من السكان المسلمين المحليين. في هذه الموجة العارمة من الدمار كان البعض محظوظا أذ لاقى نهاية سريعة. وبالنسبة للاخرين فقد كان مطولا ومؤلما. وغيرهم جمعوا مع بعضهم البعض وأغرقوا في نهر الفرات (وكان البحر الأسود أيضا موقع أغراق جماعي للأرمن على الساحل). البعض الاخر احرق حيا أو قطعت أوصالهم أو تعرضوا الى اغتصاب جماعي ومن ثم أعدموا. وهناك ادعاءات أخرى بالصلب. مزقت أجنة النساء الحوامل من أرحامهن.وسحقت رؤوس الاطفال الرضع. واشترى بعض المرحلين حياتهم من حكم الاعدام بما لديهم من أشياء ثمينة من تلك التي تمكنوا من جلبها معهم. وأجبرت النساء المختطفات على الزواج أو الاستعباد الجنسي على مدى طويل. والكثير مهنم كالاطفال مثلا، مثل الأطفال أختطفوا من القوافل وحولوا قسرا إلى الإسلام كوسيلة للاستيعاب في الهيئة الاجتماعية التركية – الإسلامية. وتم أحيانا إنقاذ بعض هؤلاء الأشخاص العزل من قبل المتعاطفين. ولم تنج سوى نسبة صغيرة من المبعدين من المقاطعات الشرقية للوصول إلى الصحارى ولم يخضع الأرمن في المقاطعات الغربية لنفس الدرجة من المضايقات. وقد تم ترحيل بعضهم عن طريق السكك الحديدية إلى مخيمات الاعتقال المفتوحة نوعا حتى يتم ترحيلهم ألى وجهة غير معلومة. وقد تسببت المجاعة والمرض في أرتفاع هائل بنسبة الخسائر، على أن الكثير من منهم تشبثوا في الحياة ويرجع ذلك جزئيا إلى المساعدات التبشيرية. وقد تعرض هؤلاء للمذابح الجماعية التي أمر بها من شباط / فبراير 1916 حتى نهاية العام. لم تك الاحصائيات دقيقة, ولكن هيلمر قيصر, أحد أكثر المؤرخين أهتماما بالأبادات الجماعية, ذكر بأن مجموع الذين فقدوا حياتهم بسبب سياسة العثمانيين بين عام 1915-1916 بلغ مليون وواحد بالعشرة, بمعدل أكثر من نصف مجموع الاعداد التي كانت متواجدة قبل الحرب. وعلى أقل تقدير فأن الالاف قد هربوا الى المقاطعات الروسية والأيرانية أو مكانات اخرى. ولربما نصف مليون من الارمن العثمانيين نجوا وصولا الى عام 1918, وبنسبة كبيرة في المدن الغربية حيث لم يشكلوا أية مشكلة ديموغرافية للنخبة العثمانية وحيث كانت النظرة للعالم الخارجي قوية, هذا وقد تضائل مجتمع الناجين من النخبة وممن يحملون ثقافة موروثة وممن فقدوا الغالبية من أقاربهم حيث تقلصت أعدادهم تباعا في السنين التي تلتها. كان هذا الاختيار غير محتمل للاعداد التي بلغت 150,000 من الارمن المأسلمين والذين عاشوا في كنف عوائل مسلمة. التركيز هو على الابادة الجماعية للارمن, ولكننا لا ننسى ارتفاع نسبة القتلى المسيحيين في المجتمع الاثوري في نفس الوقت كما في (سيفو) من (شاتو دي سيفو) سنة السيف حيث أرتكبت –داعش- مجازر الابادة الجماعية والاغتصاب في سوريا حيث استهدفت المسحيين الشرق أوسطيين من المقاطاعات العثمانية السابقة. كيف ولماذا؟ أي تفسير للإبادة الجماعية يجب أن ينبع من ظروف الحرب. وخلافا لبعض الباحثين، فأنا لم أكتشف أي خطة لطمس المجتمع الأرمني قبل بدء الأعمال العدائية فلم تكن حالة الحرب ذريعة لإصدار سياسة مسبقة وإنما هي جزء من شرح لتلك السياسة. هزيمة الجيش العثماني ويعد ثالث جيش من قبل روسيا على جبهة القوقاز في مطلع 1914-15 أسفرت عن أن الارمن صاروا كبش الفداء. في 24 أبريل 1915، وهو تاريخ للاستذكار حيث أنه يعد بداية للإبادة الجماعية، أمر طلعت بإلقاء القبض على قادة المجتمع الأرمني في جميع أنحاء الإمبراطورية تحسبا للانزال الأنجلو-فرنسي في اليوم التالي في غاليبولي. وكان أحد قرارات قرار الترحيل في أيار / مايو هو على ضوء التقدم الروسي إلى شرق الأناضول قبول روح الحرب لا يعني قبول مبرر “الضرورة العسكرية” التي تقدمها اللجنة العثمانية الحاكمة للاتحاد والتقدم، ويكرره الذين يقولون أنه لم يك بالشئ ما حدث للارمن من الاهمية بمكان وأنهم أستحقوا ذلك لتعاونهم مع الوفاق. وكان هناك نشاط المتمردين من جانب عدد صغير من الأرمن الانفصاليين، ولكن الأهم من ذلك هو القوالب النمطية السابقة التي مفادها بأن الأرمن كانوا غير مخلصين بحكم هويتهم الإثنية العرقية. إلى جانب ذلك، كان التشهير الجزئي الذي مفاده أن تصرفات الارمن العثمانيين كانت بسبب كونهم من الرعايا الروس. وكان الكثير مما نظر اليه على انه فتنة كان في الحقيقة دفاعا الارمن عن أنفسهم، نظرا للمذابح العثمانية والتي بقيت في ذاكرة الارمن في المناطق الحدودية من الصراع ، والذاكرة الحية للذبح الجماعي في زمن السلم، في 1909 و 1894-1896. وعلاوة على ذلك، فأن وبشكل جزئي حفز التمرد عبر بين السكان المسلمين في الأراضي الروسية، وكان رد الفعل الأمني الروسي هناك أكثر تقييدا بكثير من نظيره العثماني. ومن الصعب فهم كيفية خدمة المصالح العثمانية في زمن الحرب من خلال التحرش الجماعي للأيتام في دير زور (تقع في سوريا اليوم) في أكتوبر 1916 هنا علينا أن نفهم أن الحرب العظمى ليست الا مرحلة حرجة من أزمة التفرقة بالنسبة للامبراطورية العثمانية التي كانت تناضل لاجل سد ثغرة التكنولوجية وأيضا عسكريا وأقتصاديا بالقياس بالقوى العظمى. وكانت النزعات التي بلغت ذروتها في الإبادة الجماعية جزءا لا يتجزأ من التراجع الطويل الأمد لإمبراطورية متنوعة بنيت على التعايش الطائفي، فضلا عن التسلسل الهرمي الديني وما يصاحبه من تمييز قانوني واجتماعي وكان أحد الموضوعات الرئيسية هو معاناة المسلمين في القرن التاسع عشر حيث طردوا بضراوة وغالبا ما قتلوا وأبعدوا عنوة من قبل القوى المسيحية المتقدمة، وخاصة روسيا، والمسيحيين البلقان الانفصاليين. وفي بعض الأحيان كان الانفصاليون يحظون بدعم السلطات. وفي الاخص بأعداد كبيرة في 1860 و 1870 ,المسلمون البلقان وغيرهم من القوقازيون وجدوا أنفسهم لاجئين في مقاطعات الامبراطورية العثمانية. وقد جلبوا معهم خزينا من المشاعر المعادية للمسيحية وجوعا للارض اذا صح التعبير مما ظهرت عواقبه على الارمن الاناضوليين. فاستيطان اللاجئين، بالإضافة إلى فقدان عدد كبير من السكان المسيحيين، غير التوازن الديموغرافي لما تبقى من الإمبراطورية العثمانية. كل هذا أدى إلى تراجع العثمانيين عن إصلاحات منتصف القرن التي سعت إلى تحقيق قدر أكبر من المساواة بين الأديان وأمن المسيحيين (لم يتم تطبيقها بأية حال من الأحوال)، وقد صممت لتفادي أنواع الانفصال التي حدثت رغم كل شئ. عبد الحميد الثاني، الذي تولى السلطة في عام 1876، وحكم حتى الأشهر المهملة بعد انقلاب كوب عام 1908، التسامح الكثير مع حرمان الأرمن في المقاطعات الشرقية من قبل الأكراد وكذلك اللاجئين المسلمين جعله يستفيد من ذلك في دائرته الدينية الرئيسية وقلل من تركيز السكان الأرمن وكانت شكوك السلطان قد توجهت شرقا وبشكل مكثف خاصة بعد مؤتمر برلين عام 1878 الذي دعا لجنة التحكيم للحد من الحدود العثمانية في القوقاز والبلقان. (كما خصصت قبرص لبريطانيا). وفي معاهدة برلين، نصت القوى الأوروبية على خطة إصلاح لحماية الأرمن في المقاطعات الشرقية. وولد “السؤال الأرمني” والعلاقة بين المسيحيين الداخليين والخارجيين تثبتت في ذهن النخب العثمانية المتعاقبة وفي حين ان التغيير في مجموعة القوى العظيمة خلال الثمانينيات من القرن التاسع عشر تركت مشروع ألأصلاحات حبرا على ورق، المشروع الذي ينظر في محنة الارمن والدفاع الداخلي قد سيطر عليه ساسة الاحزاب الارمنية الجديدة. وتشكل المذابح التي وقعت عام 1894 و 1896 والتي أودت بحياة 80,000 أرمنيا اغلبهم من الذكور أنتقاما هائلا ضد المجتمع بأسره بسبب تصرفات كلا الطرفين. وتكرر نمط الخسارة الإقليمية والنخبة المتطرفة في حروب البلقان في الفترة من 1912-1313 حيث استقبلت الأناضول ما يصل إلى 400،000 لاجئ مسلم من مقدونيا وغرب تراقيا. وهذه الأحداث مهمة في تفسير الإبادة الجماعية للأرمن على أنها الانقلاب الأولي -لكوب- عام 1908؛ بعد كل هذا على جانبي الانقلاب كون حزب داشناك الأرميني و كوب كان تحالفا من نوع ما، تمثل في دعم مشترك للدستور ضد حكم عبد الحميد. وفي كانون الثاني / يناير 1913 أستولت مجموعة من قادة كوب على قوة حرة بعد فترة من الاضطرابات الحكومية، وساندتهم أيضا الاتجاهات التقدمية المتطرفة الأكثر راديكالية. كان الإسلام لا يزال قوة ضرورية ومهمة، ولكن تم التأكيد على القومية التركية بشكل متزايد، جنبا إلى جنب مع الداروينية الاجتماعية الصارخة. وظهرت جماعات مسيحية كاملة كأعداء كامنين لا يمكن استيعابهم في مستقبل مشترك. للمقال تتمة ..