النسخة: الورقية - دولي يتذوقون كل لحظة حرية. ينظر أحدهم طويلاً إلى السماء التي افتقدها ويرفع آخر اصبعه المضمّد مبتسماً فيما يضم الثالث طفليه... الصحافيون الفرنسيون الأربعة عادوا من سورية بعد عشرة أشهر من الاحتجاز. تنافست وسائل الإعلام الفرنسية على اللقاء الحصري الأول كما يحصل بعد كل تحرير لرهائن فرنسيين. وفوجئ المشاهدون بظهور اثنين منهم في حوار على المحطتين الأولى والثانية في الوقت ذاته في النشرة المسائية على رغم أنها تبث مباشرة في العادة. لقد اضطرت «تي أف 1» لتقديم اللقاء مسجلاً معهما لارتباطهما مع «فرانس 2» في البث المباشر. وتابع ظهورهما أكثر من عشرة ملايين فرنسي. بدا التحفظ واضحاً في ردود الاثنين، الصحافي ديديه فرانسوا والمصور الشاب ادوارد الياس، لا سيما أمام أسئلة تتعلق بتعرضهما للعنف أو بمعرفتهما لجنسيات الخاطفين المتحدث بعضهم للفرنسية بطلاقة، مفضّلين الحديث عن مشاعرهما وعلاقتهما مع الوقت خلال حبسهما. كانت الأخبار مقطوعة عنهما والعالم كان متوقفاً عند باب الحديد وحارسه الملثّم. الطعام عشر زيتونات ونصف رغيف. لم يكن البرد ولا العنف ما أرّقهما بل هذا الوقت الذي لا يمر. كانا يقتلانه بالرياضة والشطرنج «كي لا يصابا بالجنون». كان أحدهما يركض في زنزانته وهو يتخيل شوارع باريس والمقهى وكل أمكنته التي يمرّ بها في العادة. أما الشطرنج فصنعاه في الخفاء من الورق المقوى وباستخدام قصاصة أظافر. أشارا سريعاً إلى لحظات صعبة، توتر وتهديد بالإعدام ووعود بالتحرير ومفاوضات مع أهاليهما.. ذكرا المشاعر الأولى بعد الحرية حيث يفعل الإنسان ما لا يتوقع. «عانقت ضابطاً تركياً من فرحتي»، قال الصحافي، و «لم أشعر بالحرية سوى عند لقائي بوالديّ» قال المصور الشاب. العائدان اللذان تحدثا عن ملامح من ظروف الاحتجاز، أبقيا الكثير طيّ الكتمان، كهوية الخاطفين والعلاقة معهم وشروط إطلاق سراحهم. لم تبد على الصحافيين الرغبة في الإسهاب، كانا متحفظين. «هؤلاء خاطفون ولا علاقة خاصة لي مع حراسي»، رد أحدهما أو « لم أر هوياتهم»... غموض لم يستطع كشفه أي من اللقاءين التلفزيونيين معهما على رغم كثرة الأسئلة. وزاده تقرير قدمته «تي أف 1» أفاد فيه أحد المحللين بأنه ليس من الممكن أن يطلق سراح مختطفين هكذا من دون شروط. فالأكيد أن هناك مقابلاً وإن لم يكن بالضرورة مادياً. حب المهنة وحب البلد دفعا هؤلاء للذهاب إلى سورية. «كان علينا أن نقدم شهادتنا عن المرة الأولى التي يستخدم فيها رئيس السلاح الكيماوي ضد شعبه... باستثناء صدام حسين في حلبجة». قال الصحافي فرانسوا بحماسة متوقعاً في رد على سؤال عن تطورات الوضع في سورية واستمرار الحرب بسبب الدعم الداخلي والخارجي للنظام.