مارون سمعان، رجل الأعمال اللبناني المتواضع والذي أقام جلّ حياته العملية في دولة الإمارات، من القلّة النادرة الذين يحظون بالتكريم في حياتهم، وبلا أدنى شك سيبقى اسمه بعد رحيله مخلّداً، مرتبطاً بالعمل والعلم والخير، تحمله مباني كليات جامعية دعمها سمعان بسخاء، دعماً لطالبي العلم.رحل سمعان، بعد أشهر قليلة فقط على إطلاق الجامعة الأمريكية في بيروت - وهو عضو مجلس أمنائها - اسمه على إحدى أكبر وأنجح كلياتها إكراماً لرؤيته وصداقته للجامعة ب «كلية مارون سمعان للهندسة والعمارة»، بعدما تبرّع لها بأكبر منحة في تاريخها.رجل الأعمال الناجح والمؤثّر، كان رائداً في خدمة المجتمع سخياً وملهماً للكثيرين، حيث قدّم هو ومؤسسته التي أنشأها في العام 2010، دعماً في مجالات التعليم والاستشفاء والرعاية الاجتماعية، في كل أنحاء المنطقة.بدأت رحلته مع النجاح منذ سنين الدراسة حين حاز المرتبة الأولى على مستوى لبنان في شهادة البكالوريا عن فئة الرياضيات والعلوم عام 1973. وفي خضمّ الحرب اللبنانية، تخرج سمعان في الجامعة الأمريكية - بيروت عام 1977، وكان قد حصل على منحة دراسية مكّنته من الدراسة والتخرّج مزوَّداً بالمعارف حاملاً شهادة بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية.ظروف الحرب، ألزمت الشاب الطموح على مغادرة الوطن للبحث عن العمل ومتابعة المسيرة المهنية في دول الخليج حيث عمل مع شركة اتحاد المقاولين العالمية لمدة 13 عاماً، إلى أن أسس في الإمارات في أوائل التسعينيات وشريكه أيمن أصفري شركة «بتروفاك»، المزود العالمي لمرافق خدمات النفط والغاز والتي تمتد أعمالها من مشارق الأرض إلى مغاربها وتوظف الآلاف.ساهم سمعان في تطوّر «بتروفاك» لتصبح لاعباً دولياً في صناعة هندسة النفط والغاز. رأس مجلس إدارة الشركة إلى أن تقاعد منها عام 2013، كما ترأس مجلس إدارة «الكازار كابيتال»، وشارك في تأسيس المنتدى العربي للبيئة والتنمية، وكان عضواً في مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في الشارقة. إقامته في دولة الإمارات التي أحبها، لم ينسه موطن الصبا والشباب، لبنان الذي بقي في قلبه دائماً، وخاصّة منطقة جنوب لبنان حيث للراحل العديد من الإسهامات والمشاريع الاجتماعية في بلدته دردغيا التي أبى إلا أن يدفن جثمانه في ربوعها.دعمه للجامعات اللبنانية ليس بجديد، فقد أنشأ سمعان على نفقته المبنى الخاصّ بكلية الهندسة الكيميائية في جامعة البلمند شمال بيروت، وأسس برامج منح للطلبة. وقبلها قدم هدية كبيرة لمركز الجامعة الأمريكية الطبي في بيروت، فأطلقت الجامعة اسم والدي سمعان الراحلين، طانيوس وثريّا سمعان على مركز جراحة العيادات الخارجية.ترك مارون وراءه إرثاً مهمّاً يؤمل أن تواصل من بعده «مؤسسة سمعان»، لدعم الأنشطة الخيرية في مجال التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية، وإنشاء جيل من المتعلمين كي يكملوا مسيرة ونهج العلم والخير الذي خطّه سمعان لنفسه ولأجيال الطلبة الذين سيتخرّجون في كليات ومبان تحمل اسمه. عرفه أصدقاؤه ومعارفه في الإمارات رجلاً نبيلاً نزيهاً ومعطاءً ستروي الأجيال مآثره وأعماله الخيرية. وفي نعيه لسمعان، قال رئيس مجلس أمناء الجامعة الأمريكية في بيروت الدكتور فيليب خوري: «لقد آمن مارون بقوة بتأثير التعليم ودوره في إعداد المواطن القائد، وشغفه بالجامعة الأمريكية في بيروت وخدمته لها كانا من غير حدود. ومن الضروري أن يستمر ميراثه على مرّ العصور، وأن تتخرّج أجيال من المهندسين والمعماريين في الكلية التي تخرّج فيها، والتي باتت اليوم تحمل اسمه».