زار المخرج المصري المعروف محمد خان العاصمة اللبنانية قبل أيام لحضور العرض الخاص بفيلمه الجديد «فتاة المصنع»، قبل أن تنطلق عروضه الجماهيرية في صالات بيروت 24 نيسان (أبريل) الجاري. الفيلم الذي يبدو مستقلاً تماماً عن تجارب خان السابقة لجهة مضمونه، يبدو أنه سيحقق نقلة خاصة به حتى على صعيد عروضه في دبي، أبو ظبي، البحرين، قطر، الكويت، سلطنة عمان، وبالطبع في مصر وبيروت، وربما في الأردن كما يتوقع خان في حواره مع «الحياة». السؤال عن السبب ليس نافلاً كما قد يبدو للوهلة الأولى. يعلق خان: «يُفترض السؤال في مكان آخر عن سبب عروضه هناك وتخلف الدول الأخرى عن ذلك» ويضيف: «ربما بسبب عدم وجود نجوم فيه». ليس في الأمر مزحة، فقد يعبر فيلم محمد خان الجديد مطب الأزمات الإنتاجية كلها، ولكن يبقى التساؤل معلقاً عن صناعة السينما نفسها التي تعبر «مضيقاً» غير مسبوق يحتّم على السينمائيين المصريين شحذ الهمم. محمد خان حصل أخيراً على الجنسية المصرية. ومن المؤكد أن رفع الجور عنه سيترك تأثيرات كبيرة فيه على رغم انتظاره الطويل والمكلف لها. ليس مطلوباً بالطبع أن يعبّر عن ذلك في شكل مباشر. الواقع يبدو أحياناً غير واقعي حين يتعلق الأمر بتفصيل شخصي بهذه الأهمية لمخرج تعلق بهوية البلد الذي عشقه، ورسم له في أفلامه صورة تكاد تخص محمد خان وحده من بين كل السينمائيين المصريين على رغم تأخره في الحصول على جنسيته حيث لم تشفع له مكابدات عشقه لهذا البلد وإخلاصه وحنينه له حتى في اللحظة التي تدور فيه الكاميرا لتقدم همومه ومشاغله بعين مختلفة وكاشفة. لقد جاء صاحب «زوجة رجل مهم» وأفلام بلغ تعدادها 23 فيلماً، إلى بيروت في لحظة فاصلة يمكن الشغل والتأسيس عليها لجهة التأخير الذي أصبح علامة في منطقة مضطربة ومتأججة الصراعات المفتوحة على احتمالات كثيرة. يقول خان إنه أراد أن يقدم فيلماً سينمائياً عن فتاة كادحة فقيرة لديها طموحات وأحلام عادية وبسيطة، ولكن المجتمع بقوانينه الصارمة يقف عائقاً أمام تحقيقها. أين يمكن أن تكون هذه القوانين الصارمة؟ يرد خان بقوله: «لا يمكن اكتشاف هذا التفصيل المغرق بأهميته، إلا حين مشاهدة الفيلم. ليس الحديث عنه عدالة. العدالة تكمن هناك حين تشعر الفتاة بأنها ستتحرر في اللحظة التي لا تحصل فيها على من تحب». أما عن مشاعر هذه الفتاة فيقول صاحب «شقة في مصر الجديدة»: «أنا هنا أتكلم عن فتاة من طبقة محددة، وفي الوقت نفسه يهمني إدراك هذه المشاعر الإنسانية التي تتكون أيضاً في طبيعة الطبقات التي نذهب إليها محملين بأبسط المشاعر وأكثرها حميمية في اللحظات التي يمكن أن تحدث قطيعة فيها بين فتاة فقيرة، ومهندس من عالم آخر». بلد متوتر أما عن سبب اختياره مصنعاً لتدور فيه أحداث فيلمه الجديد بما يعني ذلك من روتين العمل فيه، ورتابة إيقاع الآلات التي تهدر فيه فيقول: «أحداث الفيلم تدور في بلد متوتر أصلاً، حتى أنه يمكن أن نلاحظ ذلك على مستوى الشارع العادي، ففي مشهد تلتقي فيه الفتاة بحبيبها في مكان عام تعبر أمام واجهة المحل تظاهرة تنتمي إلى وضع سياسي أكثر تأزماً، وهي تعرف أنها لا شأن لها بها من حيث المبدأ، إذ تبدو العلاقات الدرامية التي تدور بين جدران المصنع هي التي ترسم وجهة الفيلم وتعير بوصلته لبقية الأحداث». ويقف محمد خان مطولاً أمام سبب اختياره ياسمين رئيس بطلة لفيلمه الجديد: «لقد جاءت ياسمين إلى الكاستنغ وهي لا تعرف شيئاً عن الدور، وكان عندي روبي كبطلة محتملة للفيلم، ولكن ارتباطها بفيلم آخر ومخالفتها الصريحة لشروط العقد دفعاني للاستغناء عنها في اللحظة التي ظهرت فيها ياسمين. صحيح أنها لفتت انتباهي من قبل في فيلم «واحد صحيح» لزوجها المخرج هادي الباجوري، وكذلك في مسلسل تلفزيوني، ولكني هنا وجدت نفسي أمام ممثلة من طينة مختلفة». هل يعني هذا سبباً في الاحتفاء بسعاد حسني في الفيلم بما تحمله ياسمين من قسمات في الوجه تذكر بذلك: «السندريلا هي في وجدان كل فتاة عربية ومصرية، وفكرتي أن أهدي الفيلم لها جاءت بعد إنجازه بالكامل». أزمة فيلم صحيح أن محمد خان كان يستعد للسفر في هذه اللحظات إلى القاهرة بعد أن أنجز مهمة إطلاق عروض الفيلم في بيروت قبل يوم واحد، لكنه لم ينس أن يعرج على «أزمة» فيلم «حلاوة روح» بالقول إنه ليس فيلماً تجارياً. ليته كان كذلك - يقول - هو فيلم رخيص ومرفوض، وضع السينمائيين المصريين في مأزق كبير، فنحن الذين نرفض قراراً ديكتاتورياً يقضي بمنعه من رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، نجد أنفسنا مع الأسف مضطرين للدفاع عنه ليس بسبب أهميته، بل بسبب خوفنا من أن تتكرس ظاهرة المنع التي تتعدى هنا المظاهر العادية لعمل الرقابة التي يكفينا وجودها بيننا، ويكفينا ما عانينا منها في السابق. سينما