حذرت الولايات المتحدة روسيا أمس الخميس من ارتكاب "خطأ مكلف" في أوكرانيا، بينما أمرت موسكو بـ"اجراء مناورات جديدة على الحدود مع اوكرانيا"، رداً على الهجوم الذي شنته كييف على الانفصاليين في شرق البلاد. واتهم وزير الخاريجة الاميركي جون كيري روسيا بـ"صرف الانتباه والتضليل وزعزعة الاستقرار" في شرق أوكرانيا. وفي بيان حاد اللهجة، دعا كيري موسكو إلى "المساعدة في نزع فتيل الأزمة في شرق أوكرانيا وإلا ستواجه مزيدا من العقوبات". وأشاد كيري بسلطات الحكومة الموقتة في كييف، قائلاً إنها وفَت بالتزاماتها المنصوص عليها في جنيف يوم 17 أبريل (نيسان) بهدف وقف نزع فتيل الأزمة. وقال:"لم يظهر أي مسؤول روسي واحد في التليفزيون علنا في أوكرانيا ودعا الانفصاليين لدعم اتفاق جنيف ولمساندة التهدئة وإلقاء السلاح والخروج من المباني الأوكرانية". واتهم كيري وسائل الإعلام الروسية بالترويج لـ"تخيلات" الرئيس فلاديمير بوتن عن الأحداث في أوكرانيا. وقال إن "موسكو واصلت تمويل وتنسيق وتغذية الحركة الانفصالية المدججة بالسلاح في دونيتسك". وحذر روسيا من ان "رفضها اتخاذ اي خطوة لوضع حد للأزمة في اوكرانيا يمكن ان يكلفها الكثير"، مضيفاً ان "الفرصة المتاحة امام موسكو لتغير سياستها تتضاءل". واتهم كيري موسكو بانها "تبذل قصارى جهودها من اجل تخريب العملية الديموقراطية عبر حملة ترهيب فاضحة"، واصفاً المناورات العسكرية الجديدة، التي بدأتها على حدودها مع اوكرانيا بأنها مناورات "تهديدية". واضاف: "سأكون واضحاً، اذا واصلت روسيا هذا المسار فهذا الامر لن يشكل خطأ فادحاً فحسب، بل سيكون خطأ مكلفاً". وقال: "نحن جاهزون للتحرك"، وذلك في الوقت الذي تتوالى فيه التهديدات الاميركية لروسيا بفرض عقوبات اقتصادية جديدة عليها. وتابع انه بالمقابل فان السلطات الانتقالية في كييف التزمت "منذ اليوم الاول" لاتفاق جنيف، بالتعهدات التي قطعتها في هذا الاتفاق، ضيفا "لقد مرت سبعة ايام، وهناك ردان متعارضان وحقيقة واحدة لا يمكن تجاهلها". واكد الوزير الاميركي ان "ايا يكن حجم الدعاية فهي لن تتمكن من اخفاء الحقيقة"، متهماً موسكو بـ"السعي لاشاعة الفوضى في شرق اوكرانيا حتى تتخذ ربما هذا الامر ذريعة لاجتياح جارتها عسكرياً". واكد كيري ان "ما يجري في شرق اوكرانيا هو عملية عسكرية تم التخطيط والتحضير لها جيدا، ونحن نعتبر انها عملية تقودها روسيا"، مضيفا ان "العالم اجمع يعلم ان متظاهرين سلميين لا يكونون مسلحين بقنابل يدوية واسلحة رشاشة". واصدرت روسيا الامر الخميس باجراء المناورات الجديدة على الحدود مع اوكرانيا بعد ان شنت كييف هجوما واسعا ضد الانفصاليين الموالين لموسكو والذين كانوا يحتلون مدينة سلافيانسك. وتعهد الرئيس الانتقالي الاوكراني اولكسندر تورتشينوف بالمضي قدما في الهجم حتى القضاء على الانفصاليين في شرق البلاد. وقال تورتشينوف في كلمة متلفزوة "لن نتراجع ابدا امام التهديد الارهابي"، طالباً من روسيا "التوقف عن التدخل في الشؤون الاوكرانية". وادى التوتر المتزايد الى ارتفاع اسعار النفط في الوقت الذي اتهم فيه الرئيس الاميركي باراك اوباما روسيا بـ"عدم الالتزام بالاتفاق"، الذي تم التوصل اليه في جنيف الاسبوع الماضي لنزع فتيل التوتر في اوكرانيا. من جهته، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بـ"استخدام اوكرانيا اداة في اللعبة الجيوسياسية" ضد روسيا. وحذر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون من ان الازمة "يمكن ان تخرج عن السيطرة"، وحث جميع الاطراف على "الامتناع عن العنف". ميدانياً، سمع صحافيون في وكالة "فرانس برس" صباح أمس الخميس اصوات تبادل لاطلاق نار بالقرب من حاجز للانفصاليين عند المدخل الشمالي لسلافيانسك، ثم شاهدوا عدة مدرعات، تحمل احداها العلم الاوكراني، ومدعومة من قوات كوماندوس مشاة، تجتاز الحاجز بعدما اضرم فيه الانفصاليون النيران. وما لبثت تلك المدرعات ان انسحبت بعد الظهر، لتضع حداً، وبشكل مفاجئ، للعملية العسكرية في المدينة التي يسكنها حوالي مئة الف شخص. وقالت السلطات الاوكرانية انها ارادت ان تتفادى وقوع ضحايا في المدينة حيث يستخدم المدنيون "دروعا بشرية". وكانت كييف اعلنت "تحرير" بلدية ماريوبول الساحلية في جنوب شرق البلاد (نحو نصف مليون ساكن) بعد اشتباكات اسفرت عن اصابة خمسة اشخاص. وفي ارتيمفينسك جرح جندي في هجوم شنه انفصاليون على قاعدة عسكرية. واسفرت المواجهات بين القوات الاوكرانية والانفصاليين في سلافيانسك عن مقتل حوالي خمسة في صفوف المتمردين واصابة جندي اوكراني واحد، وفق ما اعلنت وزارة الداخلية الاوكرانية التي اشارت الى انه تم "تدمير" ثلاثة حواجز على مدخل المدينة. وفي المقابل تحدث الانفصاليون عن قتيلين في صفوفهم. وفي موسكو، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "اذا بدأ النظام الحالي في كييف فعلا باستخدام الجيش ضد السكان فهذه جريمة خطرة جدا ضد الشعب". وحذر من انه سيكون للعملية "عواقب على الذين يتخذون هذه القرارات". وفي طوكيو، حمل الرئيس الاميركي باراك اوباما روسيا مسؤولية فشل اتفاق جنيف. وقال في مؤتمر صحافي "كان هناك احتمال بان تسلك روسيا طريق المنطق بعد الاجتماع في جنيف. لم نر حتى الان على الاقل من جانبهم احتراما لروح اتفاق جنيف او لمضمونه الحرفي". ولوح اوباما بعقوبات جديدة بحق روسيا في حال استمرت في تجاهل الاتفاق ولم تعمد الى التصرف بشكل "اكثر عقلانية". وعلى صعيد اخر، اعلن صندوق النقد الدولي انه سيتخذ الاثنين قرارا نهائيا حول خطة انقاذ كبيرة طالبت بها اوكرانيا التي شارفت على الافلاس. وكان الصندوق وافق الشهر الماضي على اقراض اوكرانيا بين 14 و18 مليار دولار على مدى عامين . وهذا المبلغ جزء من خطة بقيمة 27 بليون دولار اعلنت في 28 آذار (مارس) لمساعدة الحكومة الجديدة على انقاذ اقتصاد البلاد. الازمة الاردنيةكيريروسيا الازمة الاوكرانيةاميركا الازمة الاوكرانية