يوسف أبولوز الجائزة العالمية للرواية العربية، أو «البوكر» العربية.. أصبحت جزءاً من شخصية معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي يجمع على أجنداته أحداثاً ثقافية تنقله من سياسة أو فلسفة عرض الكتب والصفقات أو الاتفاقيات النشرية التي تُجرى في أروقته، إلى كونه فضاء ثقافياً إماراتياً أولاً، وثانياً عربياً، وثالثاً عالمياً على قاسم مشترك واحد، وهو الانفتاح على ثقافات وحضارات الشرق والغرب برؤية تنويرية قبل وبعد كل شيء.بكلمة ثانية تتيح لنا معارض الكتب في الإمارات معاينة ظواهر ثقافية أدبية هي من صنيع هذه المعارض، ومن هذه الظواهر يمكن اشتقاق السؤال التالي المباغت.. هل في ضوء معطيات ونتائج الجائزة العالمية للرواية العربية، يمكن القول إن الرواية العربية، اليوم، هي نتاج أدبي خليجي؟السؤال استنتاجي، ومباغت فعلاً، ولكن الوجه الأدبي الخليجي للرواية العربية هو بالفعل ظاهرة أو يكاد يكون ظاهرة، مع التأكيد، بالطبع، على تاريخية ومرجعية الرواية العربية والبيئات الثقافية العربية التي خرجت منها.. مصر، العراق، سورية، الأردن، لبنان، وتالياً الجزائر والمغرب.هذه حقائق مكانية وتاريخية للرواية العربية لا يمكن إنكارها، غير أن اللافت في السنوات العشر الأخيرة أو العشرين.. أن البيئة الخليجيية هي بيئة رواية بامتياز في البحرين على سبيل المثال، وفي السعودية التي شهدت، وتشهد حالة مدّ روائي بأقلام نسائية على وجه التحديد، وفي الإمارات اليوم مدّ روائي آخر عمل ويعمل عليه كتّاب شباب، وكاتبات شابات.لكن ما علاقة البوكر العربية بهذه الظاهرة؟.. الجواب يكمن في التفاصيل الصغيرة التالية، فقد فازت ثلاث روايات سعودية في البوكر خلال السنوات الماضية، وهي: رواية «طوق الحمام» لرجاء عالم، ورواية «ترمي بشرر» لعبده خال، و«موت صغير» لمحمد حسن علوان.. وفي الإطار الخليجي أيضاً فازت رواية «ساق البامبو» للكاتب الكويتي سعود السنعوسي، غير روايات خليجية أخرى وصلت أو قد تصل في السنوات القادمة إلى القائمتين الطويلة والقصيرة في البوكر العربية، هذا إذا لم تصل روايات خليجية في الدورات القادمة من البوكر إلى الفوز.أرجو أن يكون تساؤلي: هل الرواية العربية الآن.. خليجية؟ في محله، وذلك في ضوء وصول أربع روايات خليجية إلى الفوز بالبوكر في سنوات قليلة.هذا التساؤل له أو عليه استحقاق مهم، وهو يتمثل في التساؤل الموازي التالي: هل تنشأ أو سوف تنشأ حركة نقدية خليجية محورها أو مركزها الرواية الخليجية نفسها؟من الممكن أن تظهر هذه الحركة النقدية الأدبية، إلى جانب النقد الثقافي للرواية، وهو الاتجاه الذي ينادي به بشكل خاص الناقد السعودي د. عبدالله الغذامي، صاحب كتاب «النقد الثقافي.. مقدمة نظرية وقراءة في الأنساق الثقافية العربية»، ومن المهم الإشارة هنا إلى الحيوية النقدية الأدبية في السعودية بشكل خاص، ومن أقطابها على سبيل المثال لا الحصر: سعد البازعي، وسعيد السريحي، ومعجب الزهراني.كل نمو إبداعي أدبي يتبعه بالضرورة نمو آخر في النقد، وقد يتأخر نمو النقد الأدبي أو الثقافي كثيراً أو قليلاً بعد الظواهر الأدبية كالرواية أو الشعر، ولكنه آجلاً أو عاجلاً سيظهر على شكل رؤى وتأصيلات وتنظير ومصطلحات أهل النقد أدرى بها.