×
محافظة مكة المكرمة

انتحار عشريني في رنية

صورة الخبر

تعرّض السبّاح الشاب، عبد الله الغنام إلى حادث مروري أليم أدّى إلى إعاقته. ظل في المستشفى نحو عام كامل. خسر فيه الكثير من الكيلو جرامات والأمنيات. زاره أقاربه وأصدقاؤه في الشهور الأولى، لكن سرعان ما تضاءل الرقم تدريجيا. أصبح لا يزوره سوى أقاربه وأصدقائه المقرّبين. بعد ما يقارب سبعة أشهر لم يعد يزوره سوى والديه فقط. آذته الجدران كثيرا. بات يبتهج عندما يسمع صوت خطوات تتجه إلى غرفته التي يعلق عليها صورته وهو يسبح بمتعة. لكن -مع الأسف- حتى الخطوات كانت تخذله. كان مصدرها دائما طبيب أو ممرض أو عامل مرّ بالجوار. رفض عبد الله الكرسي المتحرّك. يعتقد أنه يذكره بعجزه وضعفه وانكساره. حاول معه الأطباء كثيرا لكنه أصرّ على عدم استخدامه. انكب عبد الله على استثمار فراغه في تطوير لغته الإنجليزية عبر الإنترنت. فبعد أن كان لا يملك وقتا كافيا للجلوس مع أسرته. صار يملك وقتا طويلا لا يعرف كيف ينفقه. تطورت لغته بشكل جيد. شرع في مراسلة الكثير من المواقع المتخصّصة التي تتناول مواضيع الإعاقة. سمع كلاما كثيرا عن طبيب ألماني عالج حالات كثيرة تشبه حالته. هاتف المستشفيين اللذين يعمل بهما ذلك الطبيب، لكي يحصل على موعد ليكشف عليه لكن دون نتيجة. جدول الطبيب مزدحم حتى العام المقبل. رأى أن يجرب أن يرسل له رسالة يرفق معها صورة من التقرير الطبي وكل الأشعة التي أجراها. وحدث ما توقع عبد الله. لم يرد الطبيب. انتظره طويلا دون أن يحصل على إجابة. فوجئ عبد الله بعد أن فقد الأمل في إجابة الطبيب أن تصله رسالة منه يقول قرأت رسالتك قبل شهرين وحرصت ألا أرد حتى أستفسر من أكثر من استشاري متخصّص شعرت أنه يملك إجابة أفضل مني بخصوص حالتك. نسق الطبيب الألماني موعدا للغنام مع أحد زملائه. جاء عبد الله في الموعد لإجراء الكشوف الطبية المطلوبة. بعد ستة أشهر من موعده الأول أجرى عمليته الجراحية الأولى وبعدها بأسبوعين أجرى الثانية. لم يعد عبد الله للسباحة من جديد. بيد أنه عاد للمشي. يستعمل حاليا ساقين صناعيتين تساعدانه على الوقوف والحركة. خسر عبد الله القدرة على رياضة السباحة التي يحبها. لكن فاز بثقته بنفسه. استطاع أن ينتصر لإرادته. آمن بأن المرء منا سيفوز حتى لو تأخر قليلا. معظم أحزاننا تتراكم، لأننا أقلعنا عن المحاولة. رغم أن المحاولة تلو الأخرى تصنع سلما يصعد بك إلى الأعلى.. أعلى مما نعتقد.