المسألة واضحة جدا، وتتعلق بشيء خطير للغاية، هو ببساطة تنامي التهديد لدول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة العربية ككل على مختلف الأصعدة. والقضية لا تقتصر فقط على الحرب التي يخوضها التحالف العربي ضد عصابات الحوثيين والمخلوع صالح، لإعادة الشرعية في اليمن، بل تشمل أيضا ارتفاع درجة التهديدات الإرهابية الممولة في أغلبها من النظام الإيراني، بالمال والعتاد والمرتزقة أيضا. ومنذ حرب تحرير الكويت لم تشهد دول الخليج العربية مخاطر كتلك التي تشهدها اليوم. وعلى هذا الأساس، تماشت مخططات التنسيق والتعاون والتحالف بينها على هذه الساحة أو تلك. ومثل هذه المخططات تعد في الواقع ضامنا رئيسا لصون وحماية كل دول مجلس التعاون، كما أنها تحمي وتصون أيضا المنطقة العربية ككل. ومن هنا كان التحالف العربي في اليمن صيغة مثلى لإعادة الشرعية إلى هذا البلد أولا، والقضاء على الجهات التخريبية المرتهنة لجهات لا تريد إلا شرا في الخليج والعالم العربي. وكذلك الموقف الخليجي من القضايا المتفاعلة على الساحة العربية بشكل عام سورية، العراق، لبنان، البحرين وغيرها. وبما أن مجلس التعاون الخليجي هو الصيغة الوحدوية الأمثل على صعيد المنطقة كلها، فهو مؤهل وفق الأحداث والتطورات التي جرت على مدى أكثر من ثلاثة عقود، لمواجهة المخاطر التي تهدد دوله. ولأن الأمر كذلك، فإن بلورة استراتيجيات وتجديدها تتم في كل المناسبات على الساحة الخليجية، التي كان آخرها اجتماع وزراء الداخلية والدفاع والخارجية في بلدان مجلس التعاون في الرياض. وهو اجتماع يضيف مزيدا من القوة على الموقف الخليجي بشكل خاص، والعربي بصورة عامة. مزيد من التكامل والترابط بين دول المجلس، هو في الحقيقة المسار الذي تمضي فيه دول الخليج العربية على كل الأصعدة، ولاسيما تلك المتفاعلة. فالتحديات الحاضرة ذات طابع عسكري وأمني وسياسي واقتصادي واجتماعي، وعلى أساسها ركز الاتفاق في الاجتماع الوزاري الكبير. وهذه التحديات ستبقى حاضرة على الساحة، طالما ظلت جهات الشر "على رأسها إيران" تواصل استراتيجية التخريب والدمار. فالإجماع في الاجتماع المشار إليه، يعكس في الواقع حقيقة مجلس التعاون الخليجي نفسه، تلك التي لخصها الأمير محمد بن نايف ولي العهد "باعتزازه وفخره بما حققته دول المجلس من إنجازات مشرفة خلال مسيرة التعاون المظفرة". ولولا هذه الإنجازات لما تمكنت بلدان الخليج العربية من الوقوف في وجه التهديدات والتحديات التي استهدفتها سابقا، وتستهدفها في الوقت الراهن. كل صيغة تعاون أو تنسيق أو تحالف في مجلس التعاون، هي أداة قوة جديدة تضاف إلى قوته الكلية. والمسيرة الناجحة التي مضى بها المجلس تمهد كل الطرق لتحقيق الغايات سواء التعاونية أو المصيرية. والموقف الخليجي الواحد الآن مطلوب أكثر من أي وقت مضى، وهو حاضر في كل الفروع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الدولية. مع التأكيد دائما أن كل إنجاز خليجي "بصرف النظر عن ماهيته" هو في الواقع إنجاز عربي أيضا. وكم تحتاج المنطقة العربية كلها الآن إلى البعد الخليجي، وهذا ما يجعل أي تهديد لدول الخليج العربي، تهديد أيضا لكل دولة عربية. إنه المصير العربي المشترك الذي بات مجلس التعاون الخليجي محوره، وسط الفوضى التي تعيشها بعض البلدان العربية الرئيسة، بل في ظل المخاطر القاصمة التي يتعرض لها مستقبل المنطقة كلها.author: كلمة الاقتصادية