«نور» فيلم روائي يسلّط الضوء على زواج القاصرات في المجتمع اللبناني من إنتاج خليل زعرور وإخراجه. أقيم في إحدى صالات بيروت العرض الاحتفالي الأول لفيلم «نور» قبل انطلاقه في مختلف دور السينما، ويتناول قضية زواج القاصرات في المجتمع اللبناني، وهو من إنتاج خليل زعرور وإخراجه، وبطولة جوليا قصار مع عايدة صبرا وإيفون معلوف، إضافة إلى فانيسا أيّوب. حضر العرض فريق العمل بأكمله والممثلون والمهتمّون بشؤون السينما والجمعيات التي دعمت الفيلم والمدعوون من السفراء والشخصيات السياسيّة والفنية. موضوع اجتماعي دقيق تعاون المخرج خليل زعرور مع إليسا أيّوب على كتابة الرواية، وهي تتناول قصة فتاة تدعى «نور» أجبرت على الزواج في الخامسة عشرة من عمرها، من رجل أربعينيّ حرمها بهجة أيام الصيف التي كانت تقضيها مع أترابها في أحضان الطبيعة، وسجن أحلامها في منزل مع أمّه المتسلطة والتي لا يعرف وجهها الابتسام، فوجدت نفسها محرومةً من طفولة بريئة، غارقةً في أعمال منزليّة، وسط أجواء بعيدة عن العطف والحنان. تجارب حقيقيّة في حديث له، أوضح المخرج أنه يميل إلى أن تكون موضوعات أفلامه إنسانية من صلب المجتمع، وخصوصاً ما يتعلق منها بالمرأة وحقوقها، وفي مقدمها زواج القاصرات. وشرح أن «الفيلم مبنٍ على خلاصة مجموعة قصص حقيقية لا على قصة واحدة بعينها». وقال: «كيّفنا الوقائع الحقيقية التي اطلعنا عليها كي تتلاءم مع المتطلبات السينمائية ومع طبيعة جمهور السينما». وأشار زعرور إلى أنه وشريكته في كتابة السيناريو إليسا أيوب، أجريا أبحاثاً طويلة عن موضوع زواج القاصرات حرصاً على أن يكون الفيلم واقعياً والسيناريو قوياً. وقال: «قابلنا فتيات كثيرات مررن بهذه التجربة، وأجرينا معظم المقابلات في مقر جمعية دار الطفل اللبناني التي تعاونت معنا بشكل كبير». إيصال الرسالة اعتبر زعرور الذي يملك تجربة ناجحة في اللون الوثائقي، أن الفيلم الروائي «كفيل بإيصال الرسالة أكثر من التسجيلي، أولا لأنه يُعرض على نطاق واسع في الصالات التجارية، بخلاف الوثائقي الذي يشارك في مهرجانات فقط، كما أن الناس يفضلون مشاهدة الأفلام الروائية لأن ثقافة الوثائقي غير رائجة في لبنان». وشدّد على أن «الفيلم، رغم طبيعة موضوعه، ليس فيلماً كئيباً، وليس ميلودراما، بل فيه قصة حب وبراءة وضحك». وأضاف: «ينبغي أن ينجذب الجمهور إلى الفيلم كي تصل إليه رسالته، والكآبة لا توصل الرسالة». وأشار زعرور إلى أن الفيلم يتميّز بموسيقاه الدرامية المصممة خصيصاً لكل مشهد، بحيث تواكب أحداثه، ووضعها اللبناني المقيم في باريس توفيق فروخ. اختيار الممثلين وعن معايير اختيار الممثلين، قال: «منذ البداية، عندما كنا نكتب السيناريو، كنت أرى جوليا في دور والدة نور». وأضاف: «أما دور والدة العريس فاخترنا له إيفون معلوف لأن شخصيتها تتيح لها أداء دور السيدة الإقطاعية وستّ ستات الضيعة». ورأى زعرور أن عايدة صبرا «أدت دور مدبرة المنزل بنجاح كان متوقعاً». أما عن اختيار فانيسّا أيوب لدور الفتاة نور، فقال: «اكتشفتها المنتجة المنفذة وشريكتي في كتابة السيناريو إليسا أيّوب كونها ابنة بلدتها، وذلك بعدما أجرينا تجارب كاستينغ لكثير من الفتيات». وأضاف: «بدت فانيسا ملائمة تماماً للدور، واشتغلنا معها كثيراً على الدور والشخصية». آراء الممثلين تؤدي جوليا قصّار دور والدة نور التي فرحت بأن عريساً ميسوراً تقدّم للزواج من ابنتها، ولم تجد مشكلة في كَونِ الفتاة لا تزال صغيرة السن، وفي كون العريس يكبرها سناً بكثير. وقالت قصّار في هذا الصدد: «الأم محدودة جداً. المهم بالنسبة إليها أن تستر ابنتها بمعنى أن تؤمن لها راحتها المادية. لكن هذا الزواج الذي تفترض أنه سيوفّر السعادة لابنتها، سيؤدي في الواقع إلى تعاستها، لأنه سيحرمها عَيش مراهقتها، وإكمال تحصيلها المدرسي والجامعي». ورأت جوليا أن الفيلم «يمسّ الناس الذين سيتماهون مع قصته، وسيشعرون بأنها يمكن أن تحصل لأيّ منهم أو لأناس حولهم». واعتبرت أن الفيلم بمثابة «توعية للأهل الذين يعتقدون أنهم يقومون بأمور لصالح أولادهم لكنّ النتيجة تكون العكس تماماً». وشدّدت على أن «الزواج المبكر يضرّ مجتمعاً بكامله ولا يقتصر ضرره على الفتاة المعنية». وتصف جوليا العمل بأنه «فيلم اجتماعي وقصة حب حلوة بين مراهقين كلّ ما يريدانه عيش عمرهما». أما عايدة صبرا التي تؤدي دور مدبّرة منزل الزوج، فوصفت موضوع الفيلم بأنه «مهم جداً خصوصاً أنّ الإعلام يتداول أخباراً كثيرة عن حالات تزويج قاصرات بالقوّة وما ينجم عنها من مشاكل». وأضافت: «من الضروري الإضاءة على هذه القضيّة، سعياً إلى تحصين المرأة بقوانين لرفع سن الزواج «. ولاحظت أن الفيلم أتى في توقيت مناسب لرفع الصوت في شأن هذه المشكلة الاجتماعيّة كي يعي الناس ما يحصل وتعيد المراجع الدينيّة النظر في المسألة، كذلك الأهل الذين يُقدمون على تزويج أولادهم باكراً». وعن الدور الذي تؤديه قالت: «دوري شرّير في حق نور، وإذا كره الجمهور شخصيتي في الفيلم، فهذا يعني أنني نجحت في تجسيدها». وفي فيلمها السينمائي الثاني، تؤدي إيفون معلوف دور زوجة «البيك الكبير» في القرية ووالدة العريس الآتي من المهجر. وقالت معلوف: «صحيح أن الفيلم يتناول مسألة الزواج المبكر، لكنه يتطرق أيضاً إلى موضوع الطبقية، فأهل بيت البيك لا يتزوّجون من عامة الشعب، لكنّ ابني جاء من الغربة بثقافة أخرى لا تعير اهتماماً للاعتبارات الطبقيّة». وتوقعت أن يحقق الفيلم نجاحاً كبيراً في الصالات «كونه يعالج موضوعاً راهناً». البطلة الصغيرة رأت فانيسا أيّوب التي أدّت دور نور وهي في الخامسة عشرة من عمرها، أن التجربة كانت «جميلة جداً». وأضافت: «أشعر بأن ثمة نقاط تشابه عدّة بيني وبين شخصية نور، فهي مثلي تحب الحياة ولا تستسلم بسهولة». وقالت: «منذ البداية تستفزّني قضية زواج القاصرات، ومشاركتي في الفيلم مكّنتني من مواجهة هذه المشكلة». وتابعت: «أعيش في منطقة تحصل فيها هذه الأمور، خصوصاً أنّ نازحين كثيرين موجودون فيها وهذه الظاهرة رائجة بينهم». وعن كيفية استعدادها للدور، قالت: «كان المخرج خليل زعرور والمنتجة المنفذة إليسا أيوب يحضرانني لكل مشهد أمثّله، وقرأت كتباً عدّة عن موضوع الفيلم».