أعرب الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، عن ثقته في أن أتباع الأديان جميعا قادرون من خلال الحوار الهادف والصادق على التعاون والتكاتف لمواجهة دعوات العنف باسم الدين ورد الاعتبار لقيم السلام والتعايش والرحمة. وقال في كلمة ألقاها أمام مؤتمر الأزهر العالمي للسلام المنعقد في القاهرة حاليا: إن السلام مطلب البشر، وبه جاء الرسل عليهم السلام، فثمة تلازم أبدي بين السلام ورسالات الأنبياء التي بنيت على اللحمة والإخاء بين البشر. وأضاف: لقد عاش الإنسان في هذه المنطقة والمشرق منذ أكثر من 14 قرنا في فضاء ديني تعددي متـنوع، تمَيز غالبا بتـفاعل وتعايش سلمي واغتـناء متبادل بين كافة الأطياف، فكان الانتماء الديني على تعدد الأديان والمذاهب أسمى منابع الإلهام للإنسان، فمنه استمد القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية. جسور التواصل أشار ابن معمر إلى أن المنطقة ابتليت بحروب مدمرة وبصراعات سياسية وتشريد استغلت فيها التعاليم الدينية قديما وحديثا في أبشع صورها، وقادت إلى صدامات عنيفة في محطات مختلفة من التاريخ، وذلك بفعل تحويل الانتماء الديني إلى وقود للظلم أو للاحتلال أو للتشريد أو للتهجير، وأصبح ذلك مسوغا لتفسير وشرعنة تصرفات لا تمت للدين الحق بأي صلة، وهي تصرفات تنم عن أفكار غريبة عن ثقافاتنا وتاريخنا وتتناقض مع تعاليم الأديان ومنها الإسلام، وتنسف جسور التواصل، ليس فقط بين أتباع الأديان المختلفة، وإنما أيضا بين أتباع الدين الواحد. دعاة العنف شدد الأمين العام لمركز الحوار على أن الأشرار يبررون جرائمهم بحق الإنسانية باسم الدين، لأنهم أشرار ومجرمون، ولكن الأهم هو أن نركز على أولوية الأديان ودورها في تحقيق السلام، متسائلا كيف استطاع دعاة العنف والكراهية إخفاء المخزون الهائل من قيم المحبة والسلام والرحمة في الأديان. وقال إنه عندما تسفك الدماء البريئة باسم التعاليم الدينية السامية فالقضية لم تعد مسألة نظرية أو أكاديمية، بل هي حالة مأساوية تستدعي حلولا عملية. وأعرب عن يقينه بأن المتطرفين عندما يبررون أعمالهم الشريرة باسم الدين فهم لا يسعون للدفاع عن الدين، بل لخدمة أهدافهم السياسية فحسب، لافتا إلى أن الدين بالنسبة لهؤلاء مجرد أداة لتبرير قتل الأبرياء وتدمير الممتلكات وبث الرعب بين المدنيين للتعبير عن مواقف سياسية. تداعيات خطيرة أضاف ابن معمر: نحن في مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات ندرك تماما التداعيات الخطيرة للقطيعة بين الدين والسياسة على السلم المجتمعي، ونعي أن القطيعة بين القيادات الدينية وصناع السياسات لا تخدم إلا دعاة العنف والكراهية، ومن هذا المنطلق نسعى جاهدين لبناء جسور من التواصل بين الطرفين من خلال الحوار.