شل إضراب شامل جميع مظاهر الحياة في الضفة الغربية أمس، تضامنا مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، المضربين عن الطعام منذ 11 يوما. وطال الإضراب المؤسسات الرسمية والأهلية، والمحال التجارية والخدماتية، والمدارس، والجامعات، والمواصلات العامة، واستثني منه المؤسسات الصحية والمخابز فقط. ولجأ ملثمون إلى تنظيم دوريات في الشوارع للتأكد من الالتزام بالإضراب، وأغلقوا مداخل المدن بالمتاريس الحجرية لمنع أي تحركات بين المدن والقرى الفلسطينية. وشمل الإضراب كذلك، البنوك ومحلات الصرافة، وقررت سلطة النقد تأجيل أي استيفاء للحقوق المالية حتى يوم الأحد. وبدت شوارع الضفة الغربية خالية من المارة، في مشهد ذكر الكثيرين بالإضرابات أيام الانتفاضة الأولى التي اندلعت في أواخر ديسمبر (كانون الأول) 1987. قبل أن يملأها متظاهرون في مسيرات مساندة للأسرى. وحذر عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، من «ارتقاء شهداء من بين الأسرى المضربين». وقال في كلمة له خلال مسيرة جماهيرية في رام الله: «على العالم أن يسمع صوت الأسرى وصوت الشعب الفلسطيني، ونحن شعب لا يريد سوى الحرية وأسرانا ليسوا إرهابيين، بل هم أبطال مناضلون وأسرى شرف وحرية». وأضاف: «الأسرى مصممون على مواصلة الإضراب حتى نيل مطالبهم المشروعة أو الشهادة». وفي إسرائيل، كشف مصدر مقرب من مصلحة السجون، أن النية تتجه نحو كسر الإضراب بأي ثمن وتحطيم معنويات الأسرى. فهي تفرض عليهم تعتيما مطبقا، باتوا فيه مقطوعين تماما عن العالم الخارجي. وقد صادرت سلطة السجون منهم حتى الملح الذي يعتمدون عليه للصمود في الإضراب عن الطعام. وتواصل سلطة السجون ما بدأته منذ بداية الإضراب، بممارسة الضغط على الأسرى المضربين، بشكل فردي وجماعي، فتكثر من إرسال الأسرى إلى الحبس الانفرادي في الزنازين، وتواصل عمليات نقل قادة الإضراب من سجن إلى آخر. وتمت زيادة عمليات التفتيش في غرف السجن، ومصادرة الملح الذي جمعه المضربون عن الطعام، كما تصادر سلطة السجون كل أنواع البهارات والسجائر. وقال نشطاء من إسرائيل يساندون معركة الأسرى، إن المضربين عن الطعام يعيشون على الماء والملح، ولذلك فإن مصادرة الأملاح تهدف إلى تحطيم معنوياتهم. كما قلصت سلطة السجون من حقوق الأسرى، وتتعامل معهم كموقوفين، وهذا يعني عدم السماح لهم بلقاء أبناء عائلاتهم، ومصادرة أجهزة الراديو والتلفزيون، ومنعهم من تلقي الصحف. كما تقوم السلطة بمعاقبة الأسرى من خلال نقلهم إلى سجون أخرى. وتم هذا الأسبوع تفكيك قسم الأسرى الأمنيين في سجن هداريم وتوزيع الأسرى على سجون أخرى. إلى ذلك، وعلى الرغم من أن سياسة سلطة السجون المعلنة هي رفض مفاوضة الأسرى المضربين، فإنها تجري محادثات يومية معهم بهدف «فحص نبض» الإضراب. في السياق نفسه، أعلن 200 أسير من حركة حماس في سجن غلبواع، يوم السبت عن وقف الإضراب. وأعربت سلطة السجون عن رضاها إزاء هذه الخطوة، وقالت إن قرار قسم كامل وقف الإضراب، يشير إلى أن الأسرى تلقوا أوامر من الخارج. وتتفق سلطة السجون ونادي الأسير الفلسطيني حاليا، على أن الإضراب أصبح يتوقف على أسرى فتح فقط. لكن 81 أسيرا من فتح في سجن غلبواع، أعلنوا، أمس، عن قرارهم بوقف الإضراب. لكن عدد الأسرى المضربين ما يزال كبيرا، إذ انضم إليهم المئات في الأيام الأخيرة. وبعد تراجع أسرى حماس وقسم من أسرى فتح عن الإضراب، يصل عدد المضربين، حاليا، إلى 1200 أسير، ما يساوي ثلث أسرى فتح في السجون. لكن نادي الأسير يقول إن عدد المضربين يبلغ 1500 أسير، وإن عشرات الأسرى من الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية والجهاد الإسلامي وحماس، انضموا إلى الإضراب في سجن هداريم.