قال المستشار ماهر البحيري، الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية العليا، إن مشروع قانون تنظيم تعيين رؤساء الهيئات القضائية الذي أقره مجلس النواب بصفة نهائية "مخالف للدستور، لأنه يمكّن السلطتين التشريعية والتنفيذية من السلطة القضائية، بجعله اختيار رؤساء الهيئات من اختصاص رئيس الجمهورية". وأضاف البحيري، في تصريحات خاصة لـ«الشروق»، أن المشروع يعتبر اعتداءً صارخًا على استقلال القضاء، وتدخلًا في شئونه، وخروجًا عن تقاليده وأعرافه، وليس له مبرر إطلاقًا في الوقت الحالي، فضلًا عن وجود شبهة صريحة بعدم دستوريته لتسببه في تداخل بين السلطات. وأوضح البحيري أنه إذا كان مطلوبًا تعديل الأحكام المنظمة لكيفية تعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية فالأولى أن يتم تقنين ما جرى العرف القضائي عليه من اتباع مبدأ الأقدمية المطلقة وبأن يكون اختيار رئيس الهيئة بمعرفة جمعيتها العمومية أو من يقوم مقامها، أسوة بالتعديل الذي جرى على قانون المحكمة الدستورية عام 2011 حيث أصبح رئيسها يعين بموافقة الجمعية العامة للمحكمة من بين أقدم 3 من أعضائها، بعدما كان رئيس الجمهورية يملك سلطة تقديرية مطلقة في تعيينه. وأكد البحيري أن "تقنين عرف الأقدمية وإسناد اختيار رؤساء الهيئات القضائية للهيئات نفسها، هو ما يتفق مع الوضع المنشود لمصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وأنه لا يعقل أن نتراجع عن المكاسب التي تم تحقيقها دستوريًا وتشريعيًا بترسيخ استقلال الجهات والهيئات القضائية". وأشار البحيري إلى أن عدم اعتداد البرلمان بآراء قسم التشريع بمجلس الدولة وآراء الهيئات القضائية يتناقض مع ما نتشدق به كثيرًا على شاشات الفضائيات من "احترام السلطة القضائية"، مردفًا بقوله: "آراء الهيئات وإن كانت غير ملزمة دستوريًا، فيجب احترامها والأخذ بها من الناحية الأدبية، وإلاّ فسنعود لواقع (المجلس سيد قراره) عاكسًا تحديًا غير محمود من البرلمان للإجماع القضائي". وتساءل البحيري مستنكرًا: "هل أعضاء مجلس النواب يوافقوا على أن يعين رئيس الجمهورية رئيس البرلمان؟"، لافتًا إلى أن وضع قانون كهذا يستوجب عدم التفكير في شخص معين أو حقبة رئيس بعينه، بل أن يضع البرلمان المستقبل نصب عينيه، وبالتالي فالفكرة نفسها مرفوضة بغض النظر عن الأشخاص.