طرابلس: «الشرق الأوسط» قالت مصادر ليبية مسؤولة أمس، إن انتخاب رئيس جديد للحكومة الليبية من البرلمان المؤقت، من بين سبعة مرشحين، تعثر بسبب استمرار الخلافات بين نواب عدد من الكتل السياسية، في وقت تمكنت فيه الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الدائم في البلاد من انتخاب رئيسها. بينما أعلن محمود جبريل، أول رئيس حكومة عقب الثورة، رفضه المشاركة في الحوار الوطني بين مختلف التيارات السياسية بليبيا الذي دعا إليه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي. وجرى انتخاب علي الترهوني في وقت متأخر أول من أمس لرئاسة الهيئة بأغلبية أصوات الأعضاء، والعضو الجيلاني عبد السلام أرحومة نائبا لرئيس الهيئة، بينما اختارت الهيئة العضو رمضان التويجر مقررا لها. ويعد الترهوني من التيار الليبرالي الذي كان معارضا سنوات لحكم معمر القذافي، وعاد إلى ليبيا في الأيام الأولى للثورة التي أسقطت النظام السابق في عام 2011، وتولى مباشرة عقب عودته ملف الاقتصاد والمالية والنفط في المكتب التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي السابق الذي قاد مرحلة الثورة. وجاء انتخاب رئاسة الهيئة التأسيسية في أول جلسة عقدتها في مقرها الدائم بمدينة البيضاء (نحو 1200 كيلومتر) شرق طرابلس، وسط غياب 13 عضوا لم يجر انتخابهم من إجمالي 60 عضوا، إما بسبب مقاطعة بعض التيارات الانتخابات التأسيسية في بعض المدن وإما بسبب توترات أمنية في مدن أخرى. وقال مدير المركز الإعلامي لديوان الهيئة، الناجي الحربي، إن الهيئة اختارت عضوها «الترهوني» لرئاسة الهيئة بأغلبية أصوات الأعضاء، مشيرا إلى أن الهيئة اختارت أيضا أرحومة، نائبا لرئيس الهيئة. وهنأت الأمم المتحدة الشعب الليبي ببدء أعمال الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، وأكدت في بيان لها أن وضع مشروع الدستور شأن ليبي سيادي، يتولاه الشعب. وأضافت أن عملية صياغة الدستور الدائم الليبي، فرصة لبداية جديدة تسمح لكافة فئات الشعب الليبي بأن يكون لهم رأي في وضع الأسس لبناء ليبيا الجديدة وكيفية تحقيق السلام والاستقرار في المستقبل. وأشار البيان إلى أن ليبيا تخطو أولى خطواتها نحو صياغة لمشروع دستور يسمو لتطلعات الشعب الليبي ويحقق آماله ويعمل على مواصلة خطواتها نحو الانتقال الديمقراطي وبناء دولة القانون القائمة على احترام حقوق الإنسان. وكان رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الله الثني، أكد حساسية المرحلة المقبلة وأهمية صياغة الدستور الجديد للبلاد، قائلا في كلمة له مخاطبا أعضاء الهيئة، إن الشعب «يعول عليكم في كتابة الدستور الذي يعد أول أسس التحول من الثورة إلى الدولة». وقاطعت عدة تيارات انتخاب الهيئة التأسيسية للدستور منذ بداية التسجيل لها مطلع هذا العام، من بينهم الأمازيغ والتبو والطوارق. وكشفت المفوضية العليا للانتخابات أمس عن أنها عند مباشرتها تنفيذ القرار الخاص بإجراء الانتخابات التكميلية على مقعدي الأمازيغ للهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في التاسع من الشهر الحالي وفتح باب الترشح أمام الراغبين في التنافس على تلك المقاعد، اكتملت المدة الزمنية التي حددت لهذا الغرض ولم يسجل خلالها أي طلب ترشح، وأنه «من ثم، لا يمكن الاستمرار في هذه الانتخابات في ظل عدم وجود مرشحين للتنافس على مقعدي المكون». وأوضح رئيس مجلس المفوضية، عماد السائح، في مؤتمر صحافي عقده أمس بمقر المفوضية، أن يوم السبت المقبل هو يوم استئناف عملية الاقتراع في بعض الدوائر التي لم تستكمل فيها العملية الانتخابية، وذلك عبر مرحلتين، الأولى: استئناف عملية الاقتراع في كل من الدائرة الفرعية الثانية (مرزق) - والدائرة الفرعية الثالثة (الكفرة)، والأخيرة سوف يقتصر فيها التنافس على المقعد الخاص بالتبو وفي مراكز الاقتراع المحددة لذلك. وأشار السائح، بحسب وكالة الأنباء الليبية، إلى أن المرحلة الثانية تتضمن استئناف عملية الاقتراع في كل من أوباري المدينة، ودرنة المدينة، وتوكرة، وأنه «لم يحدد بعد تاريخ دقيق لتنفيذ هذه المرحلة بسبب ضعف التأكيدات الواردة إلينا بخصوص إمكانية استئناف العملية الانتخابية فيها». ومن جانبه، لم يتمكن المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت) من إجراء انتخاب رئيس جديد للوزراء، بعد اعتذار الثني عن قرار تكليفه قبل أسبوع، خلفا لرئيس الوزراء المقال يوم 11 الشهر الماضي، الدكتور علي زيدان. وكانت الكتل السياسية في البرلمان عقدت خلال اليومين الماضيين اجتماعات منفصلة لتقييم الرؤى والبرامج والخطط التي تقدم بها سبعة مرشحين لشغل منصب رئيس الوزراء، بعد أن جرى ترشيحهم من الكتل السياسية أو تقدموا بملفاتهم الشخصية للترشح، وهم: أحمد عمر معيتيق، والسنوسي محمد السيفاط، وبشير موسى، وجمعة عبد السلام، وإدريس التريكي، وعمر سليمان الحاسي، ومحمد عبد الله بوكير. ويجب أن يحصل الفائز على 120 صوتا من أصوات النواب الـ200 ليتولى المنصب. ووفقا للمراقبين، فإن المرشحين الأوفر حظا للفوز بالمنصب هم: الدكتور الحاسي وهو أكاديمي في جامعة بنغازي، ومعيتيق وهو رجل أعمال من مصراته، وبوكير المدير السابق لقسم الحالة المدنية في طرابلس. ويأتي ذلك بالتزامن مع إعلان مفوضية الانتخابات أمس بدء تسجيل الناخبين للتصويت في انتخابات مجلس النواب الليبي، التي لم يتحدد موعدها، اعتبارا من اليوم، وتستمر حتى منتصف مايو (أيار) المقبل. في غضون ذلك، رفض محمود جبريل، رئيس الحكومة الليبية عقب الثورة التي أسقطت النظام السابق، أمس، المشاركة في الحوار الوطني بين مختلف التيارات السياسية في ليبيا الذي دعا إليه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي. وكشف جبريل في مقابلة مطولة أجرتها معه قناتا «العاصمة» و«الدولية» الليبيتان، بثت مساء أمس ووزعت مقتطفات منها مسبقا، عن تلقيه دعوة من رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي والرئيس المنصف المرزوقي لمشاركة التحالف الذي يقوده في هذا الحوار. وتساءل جبريل الذي يتزعم «تحالف القوى الوطنية»، الذي يعد أكبر تكتل سياسي في البرلمان، بالقول: «على ماذا نتحاور؟ وخاصة أن موضوعات هذا الحوار أصبحت أمرا واقعا وفرضت بالقوة في ليبيا». وأكد أنه لن يكون هناك حوار حقيقي دون قبول الآخر، وأن الذي يجري اليوم لا يمكن وصفه بغير حوار الطرشان. كما انتقد رئيس «التحالف الوطني الليبي» محمود جبريل، بشدة، التوجه السياسي للتيارات الإسلامية في بلاده، رغم أنه اعترف بأن هناك شخصيات منها منفتحة ومستنيرة في جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة. وأشار في المقابلة بالخصوص إلى أنه دخل مع تلك التيارات بناء على مبادرة جرى التوافق عليها، غير أن «حزب العدالة والبناء والكتل التي لها علاقة بالتيار الإسلامي في البرلمان نقضت ذلك، ومن ثم عدنا إلى نقطة الصفر».