استطاعت عجلة الاقتصاد السعودي أن تسير في الاتجاه الصحيح وتحقق أهدافها خلال فترة وجيزة من إعلان خادم الحرمين الشريفين في الجلسة المنعقدة لاجتماع مجلس الوزراء يوم الإثنين الموافق 25 /4 /2016 عن موافقة المجلس على مشروع "رؤية السعودية 2030" الذي تحدث عنها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مسبقاً، كما تمكن برنامج التحول خلال هذه الفترة الزمنية البسيطة من المدة المحددة لخطة التحول 2020 إعادة هيكلة الحكومة وذلك بإلغاء المجالس العليا في الدولة، وإنشاء مجلسين أحدهما للشؤون السياسية والأمنية والآخر للشؤون الاقتصادية والتنمية، والإسهام المباشر في تسريع عملية وضع الاستراتيجيات ورفع كفاءة الأداء وتسريع الإجراءات وعملية اتخاذ العديد من القرارات الأخرى. وخلال هذه الفترة تمكن برنامجي الرؤية والتحول الوطني من تحقيق ارتفاع للايرادات غير النفطية إلى ٪30 وإحداث نقلة نوعية ضخمة على كافة المجالات الاقتصادية والتنموية وسن تشريعات وأنظمة جديدة كان من شأنها أن تكون حافزاً لدفع عجلة التنمية والتطور إلى الأمام. وقال لـ"الرياض" د. فايز بن ظفرة عميد كلية العلوم المالية والإدارية بجامعة الملك خالد أنه بهذه الكلمات البلغية والواضحة والشاملة والدقيقة قدَّم صاحب "الرؤية" خطته للنهوض بالاقتصاد الوطني ووضَعه على خط السير الصحيح نحو آفاق المستقبل المنشود، حيث قال الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزارء وزير الدفاع "الرؤية هي خارطة طريق لأهدافنا في التنمية والاقتصاد، وفي غيرها من الجوانب في الخمس عشرة سنة القادمة، جزء منها له علاقة بأرامكو وهو جزء بسيط جداً. فهي فيها محتويات كثيرة جداً، يجب أن لا نختزلها بأرامكو. أرامكو ما في شك أنها جزء من المفاتيح الرئيسية لهذه الرؤية، ولنهضة الاقتصاد ونهضة المملكة العربية السعودية". وتابع ابن ظفرة "عامٌ مضى بالتمام والكمال على طرح "الرؤية" فما الذي تحقق خلال هذه الفترة البسيطة من الزمن.. الحقيقة أن المُنجَز من الرؤية لا يُمكن حصره في هذه العُجالة لسبب بسيط وهو أن الرؤية بقدر ما هي واضحة ومركزة فإن الإلمام بكافة جوانبها أمرٌ يحتاج إلى وقت وارتقاء في الفكر وقُدرة على الاستيعاب". وأضاف "مع ذلك يُمكن القول بكُل ثقة أن المنجَز حتى الآن يبعث على التفاؤل، ولعل الخطوات التي تمت في إطار خصخصة جزء بسيط من أرامكو خير برهان على نجاح الرؤية وترجمة أهدافها إلى حيز الواقع وتباشير النجاح في هذه الخطوة تلُوح في الأُفق.. وبمزيد من الثقة نقول أن الوضع الاقتصادي اليوم غيره قبل سنة، فقبل سنة من الآن ما كان للمتخصصين فهم الحاضر أو التنبؤ بالمستقبل بسبب غياب الرؤية، أما اليوم فهناك قِصة تُحكى.. فالرؤية قد وَضعت الأسُس والقوانين اللازمة لمن يريد أن يدرُس ويرصُد ويقرأ المستقبل". وأردف "بالتأكيد لم يعد الأمر يحتاج إلى عناء البحث والتقصي والاستعانة بامهمات الكُتُب حتى نعرف إلى أين نحن متجهين، بل يكفي أن تقرأ الرؤية مع فهم عميق لتعرف أين نقف الآن وإلى أين سنصل في المستقبل القريب والبعيد في ظل الرؤية التي وُضعت لضمان أن نعيش حاضراً مزدهراً ومستقبلا أكثر اطمئناناً وإشراقاً، فالواقع الآن يقول إننا قد قطعنا شوطاً كبيراً نحو تحقيق ما تصبو إليه الرؤية، وهذا ليس في إطار التخمين والتمني بل واقع ملموس يراه كل ذي عينين، وخير دليل على صدق ما نقول في أن عجلة الاقتصاد تسير على النحو الصحيح هو هذه الثقة في قدرة الاقتصاد السعودي من قبل المؤسسات المالية العالمية فقد توقع البنك الدولي أن یتسارع نمو اقتصاد السعودیة إلى 2,5 في المئة و2.6 في المئة في عامي 2018 و2019 على التوالي". نقلة نوعية من جانبه أكد عضو مجالس الأعمال بمجلس الغرف السعودية محمد بن فيصل آل صقر أن المملكة شهدت نقلة نوعية في كافة المجالات منذ إعلان رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020. وأوضح آل صقر أن كافة الجهات الحكومية والخاصة بدأت العمل على تحقيق الرؤية وبرنامج التحول من خلال إعادة هيكلة الحكومة وذلك بإلغاء المجالس العليا في الدولة، وإنشاء مجلسين أحدهما للشؤون السياسية والأمنية والآخر للشؤون الاقتصادية والتنمية، مبيناً أن ذلك أسهم في تسريع عملية وضع الاستراتيجيات ورفع كفاءة الأداء وتسريع الإجراءات وعملية اتخاذ القرار. وأشار إلى أن الجهات الحكومية قامت برفع توجهاتها إلى القائمين على رؤية 2030 وبرنامح التحول الوطني 2020، موضحاً أن مراجعة مهامها الحالية ومواءمتها مع احتياجاتنا المستقبلية، اعتماداً على الدراسات اللازمة والمقارنات المعيارية، وتحليل البرامج والخطط ومؤشرات قياس الأداء المحققة لها، مشيراً إلى أن برنامج تحقيق التوازن المالي ومنذ تأسيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بدأ في مراجعة المشروعات القائمة وآلية اعتمادها وأثرها الاقتصادي، وتم تأسيس لجاناً واستحداث إدارات جديدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة تجاهها، ومراجعة اللوائح المتعلقة بذلك. رفع الإيرادات غير النفطية إلى 30% وبيّن آل صقر أنه على إثر ذلك تم خلال العام الماضي رفع إيراداتنا غير النفطية بنحو ٪30، وتسعى المملكة خلال الأعوام القادمة إلى الاستمرار بهذه الوتيرة وتسريعها عبر إجراءات جديدة في قطاعات متعددة، لافتاً إلى أن بلادنا اليوم تمر بموجة من المشروعات الإصلاحية والتطويرية في جميع الأجهزة، موضحاً أنه ولإدارة ذلك الزخم بطريقة ملائمة والتأكد من مواءمة الجهود، اعتمدت المملكة المفهوم العلمي لإدارة المشروعات، وأسست مكتباً لإدارة المشروعات في مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية والكثير من الجهات الحكومية الأخرى، كما أسّست مركزاً للإنجاز والتدخل السريع. تشريعات وأنظمة جديدة ولفت آل صقر إلى أن برنامج مراجعة الأنظمة وبرنامج التحول الوطني خلال العام الماضي، قام بمراجعة بعض الأنظمة القائمة وسن أنظمة جديدة طال انتظارها منذ سنوات، ومنها نظام الشركات، ونظام المؤسسات والجمعيات الأهلية، ونظام رسوم الأراضي البيضاء، ونظام الهيئة العامّة للأوقاف وغيرها، مشيرا إلى أن المملكة ولضمان نجاح الرؤية وبرنامج التحول عملت على تأسيس المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة للقيام بهذه المهمّة بشكل مؤسسي، وببناء لوحات لمؤشرات قياس الأداء بما يعزز المساءلة والشفافية. وأفاد بأنه لضمان تحقيق رؤية 2030م، فقد عملت المملكة على إطلاق مجموعة من البرامج التنفيذية والتي سيكون لها كبير الأثر في تحققها، وهي برنامج التحول الاستراتيجي لشركة أرامكو السعودية وبرنامج إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامة، وذلك من أجل تمكينه من إدارة الأصول التي ضمّت إليه سابقاً وستضم إليه مستقبلاً لتجعل منه أكبر صندوق سيادي في العالم، مشيراً إلى أنه نظراً لكون العنصر البشري عاملاً أساسياً لنجاح المشروعات، فقد عملت المملكة على تأسيس برنامج متخصص لدعم وتفعيل هذا العنصر المهم، والذي يعنى بقياس كفاءة رأس المال البشري في القطاع العام وتقويمها وتحليلها، والمساندة في توفير الكوادر والدراسات والاستشارات والشراكات الإستراتيجية المتعلقة برأس المال البشري، والمساعدة في الاختيار والتطبيق لتحقيق الأهداف الإستراتيجية. تغيرات إيجابية في السلوك الاقتصادي من جهته قال أستاذ العلوم الاستراتيجية بجامعة نايف العربية للعلوم الامنية د. يحيى بن مفرح الزهراني إن رؤية 2030 تخطو خطواتها الأولى بمزيد من التحولات في المجال الاقتصادي، ولعل بعض النتائج الخاصة بالقطاع الخاص تشير إلى المدى الكبير التي كانت تعتمد عليه الشركات في الانفاق الحكومي، تلك التغييرات تشير إلى أن هناك تأثرا في القطاع الخاص تفيد انه من المهم على هذا القطاع البدء في تغيير سلوكه بعدم الاعتماد على الانفاق الحكومي من ناحية، و من ناحية اخرى بروز مجالات جديدة تهدف الى التوجه نحو صناعات جديدة. وتابع الزهراني "من ناحية أخرى مجتمعية كذلك، تجبر الارتفاعات في زيادة المحروقات والطاقة المجتمع على تغيير سلوكه الاستهلاكي في كثير من العادات ذات الطابع الاستهلاكي، بيد أن ذلك قد يسبب إشكالا حقيقيا أمام الفئات ما دون المتوسطة، ولذلك من المهم خلق التشريعات التي تحمي تلك الفئات حتى لا نخلق فجوة بين مستويات المجتمع". وأضاف "يجب تعزيز دور القطاع غير الربحي حتى يتمكن من خلق دور له، ولا نتحدث فقط عن الدور الخيري بل كذلك عن خلق التشريعات الالزامية بما يتعلق بالشركات والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، وتمكين المنظمات الاهلية من العمل بحرية، وكذلك اعطاء مساحة للعمل في مجالات متعددة.. ينبغي كذلك على الأجهزة الوطنية العمل على التنمية اللا مركزية، عند النظر إلى التمركز السكاني في المملكة نجد هنالك تكدس سكاني مثلا في مدينة الرياض، أما المدن الصغيرة والقرى فلا نجد هناك أعداداً سكانية، ومن هنا يجب توفير البنى التحتية والمواصلات والاتصالات وكذلك إجبار الشركات على التواجد هناك من أجل خلق بيئة جاذبة، وتعزيز العمل الخاص الذي يتوافق مع الطبيعة والبيئة لتلك القرى والمدن اللامركزية". وقال إن تطبيق أي استراتيجية يواجه عدداً من التحديات ومن المهم دراسة الأحداث والآثار المتتابعة، لا سيما اجتماعياً وأمنياً ومعنوياً للمجتمع، حيث تلعب معنويات المجتمع وتوفير المناخ الذي يعزز المشاركة والحرية دوراً مهماً في تحقيق الرؤية. د. يحيى الزهراني محمد آل صقر