×
محافظة الرياض

الديوان الملكي: وفاة الأمير ناصر بن سلطان بن ناصر بن عبدالعزيز

صورة الخبر

ليست العلاقات العاطفية والجنسية بين الأساتذة وطالباتهم أمراً جديداً على الأوساط الأكاديمية، وإن كان الحديث فيها أقرب إلى المحرمات المسكوت عنها. ولكن عندما نشرت وزارة التربية الأميركية في ربيع 2015 لائحة ضمت 55 مؤسسة جامعية بينها هارفرد تطالب بإجراء تحقيق حول العلاقات بين الطلاب والأساتذة على خلفية حالات تحرش، بدأ القلق يدب وسط الجامعات الكندية. وكانت وزارة التربية الأميركية رأت أن «العلاقات الجنسية لم تعكس في شكل صريح تطلعات الجامعة، ما استدعى إعادة النظر في تلك التصرفات السيئة ومنعها في شكل صريح ونهائي». ووفقاً للنظام الداخلي الأميركي الجديد باتت العلاقات العاطفية محظورة بين طلاب المرحلة الأولى من التعليم الجامعي وأساتذتهم المباشرين وغير المباشرين، في حين لم يشمل الحظر طلاب وطالبات الماجستير والدكتوراه مقتصراً على أساتذتهم المباشرين أو المشرفين على أطروحاتهم. وأثار هذا الإجراء الكثير من الجدل والنقاش في الأوساط الأكاديمية، فوصفه البعض بأنه «جريء وشجاع» والبعض الآخر بـ «التدبير الأبوي والمتزمت». وبطبيعة الحال، لم تكن الجامعات الكندية في منأى عما يحصل في الجامعات الأميركية. فنظمت جامعة مونتريال في كيبك (أوكام) ندوة بإدارة أستاذة العلوم الاجتماعية مارتين دلفو أثارت لأول مرة نقاشاً مفتوحاً حول ما كان يتسرب خفية عن حصول علاقات عاطفية وجنسية بين الطالبات والأساتذة. وثمة من رأى أن أية علاقة من هذا النوع مردها إلى «مبدأ السلطة» الذي يحكم علاقة الأستاذ بطلابه وطالباته ما جعل بعض الهيئات الأكاديمية تطالب بتنظيم معادلة (أستاذ – طالب) وتأطيرها قانوناً حتى لا يساء استعمالها. وفي هذا السياق، تتساءل دلفو «هل يمكن تجاهل السلطة القائمة بين المعلم والطالبة؟ هل يمكن الحديث عن موافقة أو رضا حين تكون هناك سلطة أستاذ على طالبة أو طالب؟». ويؤكد اتحاد النقابات الجامعية في المؤسسات الخاصة ويضم 34 ألف طالب وطالبة ويمثل 101 نقابة أن العلاقات الحميمة بين المعلم والطالبة تنشأ عادة في نطاق «صراع المصالح»، لا سيما في فترات الامتحانات أو تقييم الطلاب أو مناقشة الأبحاث والأطروحات. فكلا الطرفين له مصلحة في التقرب من الآخر وتبدأ العلاقة بالتودد والصداقة وتخرج أحياناً عن نطاقها الأكاديمي لتتطور إلى علاقة عاطفية وجنسية. وللحؤول دون تكريس «صراع المصالح»، أو الحد من تلك الظاهرة، تؤكد ممثلة اتحاد النقابات كارولين سينفيل «أننا نعكف حالياً على تحضير دليل عملي مخصص لتنظيم الشكاوى ومعالجتها في شكل سري آمن وموثوق وحيادي وفعال». وعليه، تبنت «شبكة كيبك لدراسات المرأة» التي تضم أساتذة وباحثين من عشر جامعات كندية قراراً بالإجماع يدعو إلى اعتماد سياسة أخلاقية ومهنية واضحة، بعيدة من أي علاقة عاطفية أو جنسية مع طلابهم أو طالبتهم. وإذا حدث خلاف ذلك، فهناك سلسلة من العقوبات الصارمة، أبرزها إلغاء التعاقد مع الأستاذ وطرد الطالب من الجامعة. وتؤكد الشبكة أنها في صدد تشكيل لجنة طوارئ من 16 عضواً تضم ممثلين عن اتحادات الطلاب ونقابات المعلمين والمعلمات لمعالجة أي «حالة تخدش الحياء العام في الحرم الجامعي». وتلفت إلى أن الأحاديث والتصرفات التي تتم بين بعض الأساتذة والطالبات (بخاصة مع فتيات السنة الأولى وحداثة حياتهن الجامعية) وما يتخللها من ثناء وإعجاب وإطراء متبادل ونظرات غير بريئة، فهؤلاء أكثر عرضة للتغرير بهن والانسياق في مغامرات خارج الإطار الأكاديمي. وإزاء هذه المواقف الأكاديمية الرافضة قيام أي نوع من العلاقات العاطفية أو الجنسية بين المعلمين والطلبة، تحدثت كريستين موتا الباحثة في جامعة كونكورديا في مونتريال عن موقف لافت ومناهض لأي حظر أو منع، قائلة «أنا أرى أن الأمر مختلف. وأشك في فاعلية حظر هارفارد الأبوي. فنحن لا يمكن أن نقول للطلاب والطالبات أو للمعلمين لا تفعلوا ذلك. هم بالغون وهم جديرون بالتحكم في ميولهم ورغباتهم العاطفية واتخاذ التصرف المناسب». وخلافاً لخــيارات الحظر والقبول، كان للباحثة الكندية مارتين دلفو اقتراح آخر يقوم على تبني «كود أكاديمي ذاتي» يلتزم نفــس الــقواعد المهنية والأخلاقية والسلوكية الناظمة لعلاقة الطبيب بمريضه أو مريضته. وتعقب على هذا الطرح بقولها «إذا كان هذا الحل مثالياً فلماذا لا توضع المبادئ التوجـــيهية والمهنية والاخلاقية والسلوكية ذاتها في الحقل التربوي وتحول دون استغلال السلطة في معادلة (أستاذ - طالب) وتحصن الطرفين ضد أي ابتزاز؟». وتتابع «المهم أن نحدد من أين نبدأ وإلى أين ينبغي أن نصل».