×
محافظة المنطقة الشرقية

طارق الهاشمي: إيران لن تكف عن التخريب إلا بنقل الصراع لأراضيها

صورة الخبر

لو اكتفيت بقراءة عنوان المقال ولم تقرأ ما يحتويه بمهل -عسير أن يحصل عليه في زمن السرعة- فاحتمال كبير أنه سيكون لك نصيب في التعليقات على العنوان فقط، كما حدث في ، فانطلقت كثير من التعليقات يميناً ويساراً، وكثير منها كما شعرت من خلال قراءتي لها اكتفى بقراءة العنوان، وفهم مثلاً قولي بأنه لا ينبغي تعلم اللغة الإنكليزية، أو استصغاري لمكانة اللغة الإنكليزية رغم قولي عكس ذلك في محتوى المقال السابق. كنت أنوي أن أخصص هذا المقال لشيء آخر متعلق باللغة أيضاً، وقد كنت كتبته من قبل فعلاً، إلا أن التعليقات التي قرأتها دفعتني لأن أكتب عدة نقاط آملاً في توضيح ما التبس على بعض الأصدقاء. لا أحد يماري في أهمية اللغة الإنكليزية في عصرنا الحالي، فهي لغة العلم والتجارة، وأغلب المجالات تتم وتحل المشكلات بها، هذه نقطة، لا سيما إذا كانت على المستوى الدولي. لا أحد يماري أيضاً في أن كل شعب وكل أمة لها لغتها الخاصة بها، وأن كل الدول المحترمة والأمم التي تعرف قيمة بلدها وتاريخها لا تستطيع أن تتنازل عن لغتها من أجل لغة أخرى، وهذا مشاهد في كل الأمم، وهذا الذي دعاني في المقال السابق أن أضرب أمثلة من ألمانيا وتركيا وكذلك بقية الدول التي ذكرتها في المقال السابق كالصين وكوريا، لكن صب جام الغضب على تركيا لسببٍ غير مقبول. لا أحد يماري أيضاً أن الأمم العربية تعيش في مرحلة من التدهور والضعف، وأن اللغة العربية تواجه أسوأ عصورها، حتى الاعتزاز باللغة العربية لمن يريد أن يعتز بها، يصبح هذا الاعتزاز أو صاحبه في أغلب الأوقات متهماً بالجهل أو بالتعصب الممقوت أو بادعاء قيمة تاريخية عفا عليها الزمن. هذا الضعف الذي سبق ذكره كان سبباً في هزيمة نفسية نعيشها نحن العرب، هذه الهزيمة أثرت بشكل مباشر أو غير مباشر علينا، فكان شكلها المباشر هو تخلي كثير من أبناء العربية عن لسانهم، والتحاقهم تماماً بلغات الأمم المتقدمة، وانصهارهم وأبنائهم فيها بشكلٍ كامل، واللغة هي الهوية، إذا ضاعت اللغة ضاع معها علامة الهوية الأصيلة، وهذا تحديداً يعرفه كل من عاش في الغرب، أو عاش في دولة يتكلم أهلها بغير العربية، حتى من يعيش في بلدٍ عربي أصبح من علامة التقدم والظهور بمظهر التعلم هو جلب الكلمات الإنكليزية أو الأجنبية بداعٍ أو غير داعٍ أثناء الحديث وربما يكون مَن يفعل ذلك لا يستطيع أن يتحدث بهذه اللغة بشكلٍ تام، لكنه يعمد لفعل ذلك لحب الظهور وادعائه شيئاً ليس له ليس أكثر، وهذا إن عبر عن شيء فإنما يعبر عن هذه الهزيمة النفسية سابقة الذكر، وهذا أيضاً لمحت إليه في مقالي السابق. أما التأثير غير المباشر، هو أن كثيراً من أبناء العربية أصبح عندهم تعصبٌ ممقوت، واستصغارٌ للغات غير العربية، ادعاءً منهم بأن هذا هو طريق إظهار الهوية، ونصرة الأمة وأيضاً نصرة الدين، ولعل هذا هو ما فهمه كثير من الأصدقاء الذين علقوا على مقالي السابق، وهذا بالطبع ما لم أذكره في مقالي السابق. لا أحد يماري أيضاً في أن تعلم لغة ما مفتاح لتعلم علم وثقافة أمة كاملة وتاريخ وعادات وغير ذلك، وهذا ما جربته أنا، فلا أماري في أهمية تعلم لغة أخرى لا سيما الإنكليزية، فإذا أراد المرء تطوير نفسه والارتفاع بمستوى معيشته فتعلم اللغة سيكون أحد هذه الأسباب لفتح أفق جديد، ومجالات لا تستطيع الاطلاع عليها بغير هذه اللغة. لكن الغرض الأساسي هو بيان أن الحفاظ على اللغة العربية والتكلم بلساننا أينما كنا إذا لم يكن هناك داعٍ للتكلم بلسانٍ آخر هو من أهم أسباب احترام النفس واحترام الهوية، والعكس بالعكس، وهذا مما هو مقررٌّ ومشاهد في كل الدول المتقدمة، والمغالاة أيضا في اعتقاد مكانة اللغة الإنكليزية وقياس تحضر الناس حول العالم بمدى إتقانه لها أو عدمه هو قول مجانب للصحة ومجافٍ لها، وإذا أردت أن تعرف هذا فمن الممكن أن تطلع على كليات العلوم التطبيقية والعملية كالهندسة والطب والكومبيوتر وغيرها في الدول الكبرى التي تقود العالم الآن مثل اليابان والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، ستجد أن أغلب تلك الكليات هي بلسان أصحابها وليس بلسانٍ آخر، وهذا حديث طويل أمسك عنه الآن. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.